الشرك ، وأن ظاهر النظم يقتضيه ، ثم أخذ يؤوله ، إما بتقدير مضاف ، أي جعل أولادهما له شركاء ، فيما آتى أولادهما ، وإما بأن المراد جعل أحدهما وهو (حواء) من إطلاق المثنى وإرادة المفرد ، وإما بغير ذلك ـ فإنه ذهب في غير مذهب.
ـ وقد قرر ما ارتضيناه في معنى الآية غير واحد. قال الحسن البصري ، فيما روى عنه ابن جرير : إن الآية عنى بها ذرية آدم ، ومن أشرك منهم بعده. وفي رواية عنه : كان هذا في بعض الملل ، ولم يكن بآدم.
قال ابن كثير : والأسانيد إلى الحسن ، في تفسير هذا ، صحيحة ، وهو من أحسن التفاسير ، وأولى ما حملت عليه الآية.
قال : ولو كان الحديث المرفوع ، في أنها في آدم وحواء ، محفوظا عنده من رواية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لما عدل عنه هو ولا غيره ، لا سيما مع تقواه وورعه. فهذا يدل على أنه ـ إن صح ـ موقوف على الصحابي ، لا مرفوع. انتهى.
وقال القفال : إنه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل ، وبيان هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم ، وقولهم بالشرك. وتقرير هذا الكلام ، كأنه تعالى يقول : هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة ، وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية ، فلما تغشى الزوج زوجته ، وظهر الحمل ، دعا الزوج والزوجة ربهما ، لئن آتيتنا ولدا صالحا سويّا لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك ، فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا ، جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما ، لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع ، كما هو قول الطبائعيين ، وتارة إلى الكواكب ، كما هو قول المنجمين. وتارة إلى الأصنام والأوثان ، كما هو قول عبدة الأصنام.
وقال الناصر في (الانتصاف) ـ متعقبا على الزمخشري ـ : الأسلم والأقرب ، والله أعلم ، أن يكون المراد جنسي الذكر والأنثى ، لا يقصد فيه إلى معيّن. وكأن المعنى ـ والله أعلم ـ خلقكم جنسا واحدا ، وجعل أزواجكم منكم أيضا ، لتسكنوا إليهن ، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر ، الجنس الآخر ، الذي هو الأنثى ، جرى من هذين الجنسين كيت وكيت ، وإنما نسب هذه المقالة إلى الجنس ، وإن كان فيهم الموحدون ، على حد (بنو فلان قتلوا قتيلا) يعني من نسبة ما صدر من البعض إلى الكل.
فائدة :
قال بعض مفسري الزيدية : ثمرة هذه الآية أنه تعالى لما قال (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ)