روى الإمام أحمد (١) عن جابر قال : لما مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحجر قال : «لا تسألوا الآيات ، فقد سألها قوم صالح ، فكانت ـ يعني الناقة ـ ترد من هذا الفج ، وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم ، فعقروها ، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها ، فأخذتهم صيحة أحمد الله من تحت أديم السماء منهم ، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله فقالوا : من هو يا رسول الله؟ قال أبو رغال. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه». قال ابن كثير : وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة ، وهو على شرط مسلم.
وروى عبد الرزاق عن معمر : أخبرني إسماعيل بن أمية ؛ أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم مرّ بقبر أبي رغال فقال : أتدرون من هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هذا قبر أبي رغال ، رجل من ثمود ، كان في حرم الله ، فمنعه حرم الله عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه ، فدفن هاهنا ، ودفن معه غصن من ذهب ، فنزل القوم ، فابتدروه بأسيافهم ، فبحثوا عنه ، فاستخرجوا الغصن.
وأبو رغال هو أبو ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف ، كما روي مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أخرجه أبو داود وغيره (٢).
الرابع ـ ذكرنا قبل ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّ على ديار ثمود المعروفة الآن بمدائن صالح ، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك ، سنة تسع ، وأمر أصحابه أن يدخلوا خاشعين وجلين أن يصيبهم ما أصاب أهلها ، ونهاهم أن يشربوا من مائها. فروى الإمام أحمد (٣) عن ابن عمر قال : نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالناس عام تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود ، فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ، ونصبوا القدور باللحم. فأمرهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأهراقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذّبوا ، وقال : إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم ، فلا تدخلوا عليهم.
وروى أحمد (٤) والبخاري (٥) ومسلم (٦) عن ابن عمر قال : لما مرّ رسول الله
__________________
(١) أخرجه في المسند ٣ / ٢٩٦.
(٢) أخرجه أبو داود في : الخراج والإمارة والفيء ، ٤١ ـ باب نبش القبور ، حديث رقم ٣٠٨٨.
(٣) أخرجه في المسند ٢ / ١١٧. والحديث رقم ٥٩٨٤.
(٤) أخرجه في المسند ٢ / ١٣٧. والحديث رقم ٦٢١١.
(٥) أخرجه البخاري في : المغازي ، ٨٠ ـ باب نزول النبيّ صلىاللهعليهوسلم الحجر ، حديث رقم ٢٨٤.
(٦) أخرجه مسلم في : الزهد والرقائق ، حديث ٣٨ و ٣٩.