تنبيها على أنه هو الذي ينبغي أن يسأل عنه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧٦)
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) وإنما لم يقولوا : إنا بما أرسل به كافرون ، إظهارا لمخالفتهم إياهم ، وردّا لمقالتهم.
قال في (الانتصاف) : ولو طابقوا بين الكلامين لكان مقتضى المطابقة أن يقولوا : إنا بما أرسل به كافرون ، ولكن أبوا ذلك حذرا مما في ظاهره من إثباتهم لرسالته ، وهم يجحدونها ، وقد يصدر مثل ذلك على سبيل التهكم ، كما قال فرعون : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) [الشعراء : ٢٧] ، فأثبت إرساله تهكما ، وليس هذا موضع التهكم ، فإن الغرض إخبار كل واحد من الفريقين ، والمكذبين ، عن حاله ، فلهذا خلص الكافرون قولهم عن إشعار الإيمان بالرسالة ، احتياطا للكفر ، وغلوّا في الإصرار ـ انتهى ـ ولذلك أنكروا آية الناقة وكذبوه في إصابة العذاب عن مسها بالسوء. كما قال تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٧٧)
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) أي نحروها. والعقر : الجرح ، وأثر كالخزّ في قوائم الفرس والإبل. يقال : عقره بالسيف يعقره بالكسر ، وعقّره تعقيرا ، قطع قوائمه بالسيف وهو قائم.
قال الأزهري : العقر عند العرب كشف عرقوب البعير ، ثم يجعل النحر عقرا ، لأن ناحر الإبل يعقرها : ثم ينحرها.
وفي اللسان : عقر الناقة وعقّرها ، إذا فعل بها ذلك حتى تسقط ، فينحرها مستمكنا منها ، أي : لئلا تشرد عند النحر.
وفي الحديث (١) : لا عقر في الإسلام.
قال ابن الأثير : كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى ، أي ينحرونها ويقولون إن
__________________
(١) أخرجه أبو داود في : الجنائز ، ٧٠ ـ باب كراهية الذبح عند القبر ، حديث رقم ٣٢٢٢.