وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣)
(وَإِلى ثَمُودَ) أي : وأرسلنا إلى ثمود. وهي قبيلة أخرى من العرب سموا باسم جدهم ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح ، وهو أخو جديس بن عابر. وكذلك قبيلة طسم ، كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة ، قبل إبراهيم الخليل عليهالسلام. وكانت ثمود بعد عاد ، ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله. وقد مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ديارهم وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع ـ نقله ابن كثير ـ.
وثمود كصبور ، وتضم ثاؤه ، وقرئ به أيضا ، وقرئ بصرفه ومنعه. أما الثاني فلأنه اسم القبيلة ، ففيه العلمية والتأنيث. وأما الأول فلأنه اسم للحيّ ، أو لأنه لما كان اسمها الجد ، أو القليل من الماء كان مصروفا ، لأنه علم مذكر ، أو اسم جنس ، فبعد النقل حكي أصله. كذا في (العناية).
(أَخاهُمْ صالِحاً) هو ـ على ما قاله علماء التفسير والنسب ـ : ابن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) دعاهم عليه الصلاة والسلام بما يدعو به الرسل أجمعون ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له. كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء : ٢٥]. وقال : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل : ٣٦] ، (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي حجة ظاهرة للدلالة على صحة نبوتي (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) أي خلقها حجة وعلامة على رسالتي. وأضافها إليه تفضيلا وتخصيصا. ك (بيت الله) ، أو لأنه لا مالك لها غيره تعالى ، أو لأنها حجته عليهم في أنهم ، إن حفظوها وأطلقوا لها رعيها وسقياها حفظوا ، وإن غدروا بها أهلكوا ، ولذا قال : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) أي التي لا يملكها غيره ، العشب (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) أي لا تضربوها ولا تطردوها ولا تريبوها بشيء من الأذى ، ولو تأذت منها دوابّكم ، إكراما لآية الله (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ