قوله (أَتُجادِلُونَنِي) على أن المبطل مذموم في جداله ، والواجب عليه النظر ليعرف الحق. انتهى.
وقال القاضي : بين تعالى أن منتهى حجتهم وسندهم ، أن الأصنام تسمى آلهة من غير دليل يدل على تحقيق المسمى ، وإسناد الإطلاق إلى من لا يؤبه بقوله ، إظهارا لغاية جهالتهم ، وفرط غباوتهم.
(فَانْتَظِرُوا) أي : نزول العذاب الذي طلبتموه بقولكم (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) ، لأنه وضح الحق ، وأنتم مصرّون على العناد (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أي : لما يحل بكم.
قال المهايمي : جاء منتظرهم بحيث لا ينجو منه ، بمجرى العادة ، أحد ، وجعل من قبيل الريح التي تتقدم الأمطار ، لكفرهم برياح الإرسال.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) (٧٢)
(فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ) أي : من آمن به ، على خرق العادة (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) ليدل على رحمتنا عليهم في الآخرة (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي استأصلناهم. قال الشهاب : قطع الدابر ، كناية عن الاستئصال إلى إهلاك الجميع ، لأن المعتاد في الآفة إذا أصابت الآخر أن تمرّ على غيره ، والشيء إذا امتد أصله أخذ برمته. والدابر بمعنى الآخر (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) عطف على (كَذَّبُوا) داخل معه في حكم الصلة.
قال الزمخشري : فإن قلت : ما فائدة نفي الإيمان عنهم في قوله : (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) مع إثبات التكذيب بآيات الله؟ قلت : هو تعريض بمن آمن منهم ، كمرثد ابن سعد ، ومن نجا مع هود عليهالسلام ، كأنه قال : وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم ، ولم يكونوا مثل من آمن منهم ، ليؤذن أن الهلاك خص المكذبين ، ونجى الله المؤمنين. انتهى ـ.
قال الطيبي : يعني إذا سمع المؤمن أن الهلاك اختص بالمكذبين ، وعلم أن سبب النجاة هو الإيمان لا غير ، تزيد رغبته فيه ، ويعظم قدره عنده ـ انتهى ـ.
قال ابن كثير : قد ذكر الله سبحانه صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن ،