كذا وكذا ، من أرض حضرموت ، هل رأيته. قال : نعم ، يا أمير المؤمنين! والله إنك لتنعته نعت رجل قد رآه! قال : لا ، ولكني قد حدّثت عنه. فقال الحضرمي. وما شأنه يا أمير المؤمنين؟ قال : فيه قبر هود عليهالسلام ـ ورواه ابن جرير ـ. قال ابن كثير : وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن ، فإن هودا عليهالسلام دفن هناك. وقال : إنهم كانوا يأوون إلى العمد في البر ، كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) [الفجر : ٦ ـ ٨]. وذلك لشدة بأسهم وقوتهم ، كما قال تعالى : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ، وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) [فصلت : ١٥]. ولذا دعاهم هود عليهالسلام إلى عبادة الله وحده ، لا شريك له ، وإلى طاعته وتقواه ، كما قال تعالى (قالَ) أي : هود (يا قَوْمِ) أي : الذين حقهم أن يكونوا مثلي (اعْبُدُوا اللهَ) أي : وحده (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) أي : تخافون عذابه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٦٦)
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) أي : في خفة حلم ، وسخافة عقل ، حيث تهجر دين قومك إلى دين آخر ، وجعلت السفاهة ظرفا على طريق المجاز ، أرادوا أنه متمكن فيها ، غير منفكّ عنها (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي : في ادعائك الرسالة ، إذا استبعدوا أن يرسل الله أحدا من أهل الأرض إليهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٧)
(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : إليكم ، لإصلاح أمر نشأتيكم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) (٦٨)
(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) أي : ناصح لكم فيما آمركم به من