فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه». ورواه مسلم (١) وأصحاب السنن عن أبي هريرة مفصلا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٧)
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بالهداية لهذا الدين القويم لتذكركم المنعم وترغبكم في شكره (وَمِيثاقَهُ) أي عهده الوثيق (الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) أي : أكد عليكم بقوله (إِذْ قُلْتُمْ) أي : لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) حين بايعتموه على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره (وَاتَّقُوا اللهَ) أي : في نقض شيء من عهوده ولو بالقلب (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي : بخفيّاتها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٨)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) أي : مقتضى إيمانكم الاستقامة ، فكونوا مبالغين في الاستقامة باذلين جهدكم فيها لله. وهي إنما تتم بالنظر في حقوق الله وحقوق خلقه فكونوا (شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) أي : العدل. لا تتركوه لمحبة أحد ولا لعداوة أحد (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) أي : لا يحملنكم (شَنَآنُ) أي : شدة عداوة (قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) في حقهم. قال المهايميّ : أي : فإنّا لا نأمركم به من حيث ما فيه من توفية حقوق الأعداء. بل من حيث ما فيه من توفية حقوق أنفسكم في الاستقامة (اعْدِلُوا هُوَ) أي : العدل ـ (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أي : لحفظ الأنفس أن تتجاوز حدّ
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الطهارة ، حديث ٣٢ ونصه : عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إذا توضأ العبد المسلم (أو المؤمن) فغسل وجهه ، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء) فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء (أو قال مع آخر قطر الماء) فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء) حتى يخرج نقيّا من الذنوب».