فنقول : قال الأولون : قراءة النصب ظاهرها يفيد الغسل. وقراءة الجرّ ظاهرها يفيد المسح. إلّا أنه لما وجد ما يرجح الغسل تأولنا ما أفادته قراءة الجرّ في الظاهر. والمرجح للغسل أمور.
منها : ما في (الصحيحين) (١) و (السنن) عن عثمان وعليّ وابن عباس ومعاوية وعبد الله بن زيد بن عاصم والمقداد بن معد يكرب ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غسل الرجلين في وضوئه ، إما مرة وإما مرتين أو ثلاثا. على اختلاف رواياتهم. وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم توضأ فغسل قدميه ثم قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به.
وفي (الصحيحين) (٢) عن عبد الله بن عمرو قال : تخلف عنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفره. فأدركنا وقد أرهقنا العصر. فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا. قال ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار. مرتين أو ثلاثا. وكذلك هو في (الصحيحين) (٣) عن أبي هريرة. وفي (صحيح مسلم) (٤) عن عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أسبغوا الوضوء. ويل للأعقاب من النار» ، وروى البيهقي والحاكم ، بإسناد صحيح ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء ؛ أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار. وروى الإمام أحمد (٥) وابن ماجة (٦) وابن جرير (٧) عن جابر بن عبد الله قال : رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في رجل رجل مثل الدرهم لم يغسله ، فقال : ويل للأعقاب من النار.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الوضوء ، ٢٢ ـ باب الوضوء مرة مرة ، حديث ١٢٨ عن ابن عباس.
و ٢٣ ـ باب الوضوء مرتين مرتين ، حديث ١٢٩ عن عبد الله بن زيد.
و ٢٤ ـ باب الوضوء ثلاثا ثلاثا ، حديث ١٣٠ عن عثمان بن عفان.
(٢) أخرجه البخاري في : الوضوء ، ٢٧ ـ باب غسل الرجلين ، ولا يمسح على القدمين ، حديث ٥٣.
ومسلم في : الطهارة ، حديث ٢٦.
(٣) أخرجه البخاري في : الوضوء ، ٢٩ ـ باب غسل الأعقاب ، حديث ١٣٢.
ومسلم في : الطهارة ، حديث ٢٨.
(٤) أخرجه مسلم في : الطهارة ، حديث ٢٥.
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣ / ٣٩٠.
وأخرجه أبو داود في : الطهارة ، ٦٦ ـ باب تفريق الوضوء ، حديث ١٧٥ ، عن خالد عن بعض أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(٦) أخرجه ابن ماجة في : الطهارة وسننها ، ٥٥ ـ باب غسل العراقيب ، حديث ٤٥٤.
(٧) الأثر رقم ١١٥١٣.