تزويج المسلمة بالكتابيّ. على أن فيه إذلالا للمسلمة فلا تحتمل.
الرابع : ذهب ثلة من العترة الطاهرة إلى أن المراد من (المحصنات) المؤمنات منهن. ذهابا إلى تحريم نكاح الكافرة. قال بعض مفسري الزيدية ، بعد أن ساق مذهب الأكثرين المتقدم : وقال القاسم والهادي والنفس الزكية ومحمد بن عبد الله وعامة القاسمية ـ وهو مرويّ عن ابن عمر : إنه لا يجوز لمسلم نكاح كافرة ، كتابية كانت أو غيرها. واحتجوا بقوله في سورة البقرة : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١]. قالوا ـ يعني الأكثرين ـ : هذا في المشركات لا في الكتابيات ، قلنا : اسم الشرك ينطلق على أهل الكتاب بدليل قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ). إلى قوله : (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة : ٣١]. وعن ابن عمر : لا أعلم شركا أعظم من قول النصرانية : إن ربها عيسى. وعن عطاء : قد كثر الله المسلمات. وإنما رخص لهم يومئذ. قالوا : إنه تعالى عطف أحدهما على الآخر فدلّ على أنهما غيرين ، حيث قال تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) [البينة : ١]. قلنا : هذا كقوله تعالى : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠]. قالوا : الآية مصرحة بالجواز في قوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قلنا : في سورة النور : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) [النور : ٢٦]. وقوله في سورة النساء : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٢٥]. فشرط الإيمان في هذا يقضي بالتحريم. فتتأوّل هذه الآية : أنه أراد المحصنات من أهل الكتاب اللاتي قد أسلمن ، لأنهم كانوا يتكرهون ذلك ، فسماهنّ باسم ما كنّ عليه. وقد ورد مثل هذا في كتاب الله تعالى. قال الله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة : ١٢١]. وقوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) [البقرة : ١٤٦]. وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) [آل عمران : ١٩٩]. قالوا : سبب النزول وفعل الصحابة يدل على الجواز. وإنا نجمع بين الآيات الكريمة فنقول : قوله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) [البقرة : ٢٢١]. عامّ نخصّه بقوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ؛ أو نقول : أراد ب (الْمُشْرِكاتِ) الوثنيات وب (الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ، ما أفاده الظاهر. أو يكون قوله (وَالْمُحْصَناتُ) ناسخا لتحريم الكتابيات بقوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ). قلنا : نقابل ما ذكرتم بما روي ، أن كعب بن مالك أراد أن