وروي الطبري في (تفسيره) عن ابن عباس مرفوعا : إن في الغمام طاقات يأتي الله فيها ، محفوفا. وذلك قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) [البقرة : ٢١٠].
قال عكرمة : والملائكة حوله ، فهذا من صفات الله تعالى. يجب علينا الإيمان بظاهرها ونؤمن بها كما جاءت وإن لم نعرف كيفيتها. وعدم علمنا بكيفيتها ، بمنزلة عدم علمنا بكيفية ذاته. فلا نكذب بما علمناه لعدم علمنا بما لم نعلمه. وهذا هو مذهب سلف هذه الأمة وأعلام أهل السنة. انتهى.
وقوله تعالى : (قُلِ انْتَظِرُوا) أي : قل لهؤلاء الكافرين ، بعد بيان حقيقة الحال على وجه التحديد : انتظروا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور الثلاثة لتروا أي شيء تنتظرون.
(إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أي لذلك ، لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة.
ثم بيّن تعالى أحوال أهل الكتاب ، إثر بيان حال المشركين بقوله سبحانه
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ)(١٥٩)
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) أي : اختلفوا فيه ، مع وحدته في نفسه ، فجعلوه أهواء متفرقة (وَكانُوا شِيَعاً) أي : فرقا تشيع كل فرقة إماما لها بحسب غلبة تلك الأهواء.
فلم يتعبدوا إلا بعادات وبدع ، ولم ينقادوا إلا لأهواء وخدع (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي : من عقابهم. أو أنت بريء منهم محميّ الجناب عن مذاهبهم. أو المعنى : اتركهم فإن لهم مالهم.
وقال القاشاني : أي : لست من هدايتهم إلى التوحيد في شيء. إذ هم أهل التفرقة لا يجتمع هممهم ، ولا يتحد قصدهم (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) أي : في جزاء تفرقهم ومكافأتهم ، لا إليك (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) يعني إذا وردوا يوم القيامة (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) أي : من السيئات والتفرقة ، لمتابعة الأهواء. ويجازيهم على ذلك بما يماثل أفعالهم.
تنبيه :
قال مجاهد وقتادة والضحاك والسدّي : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى.