وروى الحاكم ، وصححه عن ابن عباس قال : في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب ثم قرأ : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ...) الآيات.
وروى الحاكم وصححه وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث؟ ثم قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) حتى فرغ من ثلاث آيات. ثم قال : ومن وفي بهن فأجره على الله. ومن انتقص منهن شيئا ، فأدركه الله في الدنيا ، كانت عقوبته. ومن أخره إلى الآخرة. كان أمره إلى الله. إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه.
لطيفة :
قال النسفيّ : ذكر أولا (تعقلون) ثم (تذكّرون) ثم (تتّقون) لأنهم إذا عقلوا تفكروا ، ثم تذكروا ، أي اتعظوا ، فاتقوا المحارم. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ)(١٥٤)
(ثُمَّ آتَيْنا) أي : أعطينا (مُوسَى الْكِتابَ) يعني التوراة (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) يقرأ بفتح النون على أنه فعل ماض وفاعله إما ضمير (الّذي) أي : تماما للكرامة والنعمة على الذي أحسن. أي : على من كان محسنا صالحا. يريد جنس المحسنين. وتدل عليه قراءة عبد الله (على الذين أحسنوا) وإما ضمير موسى عليهالسلام ومفعوله محذوف. أي : تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وفي كل ما أمر به. أو تماما على الذي أحسن موسى من العلم والشرائع. من (أحسن الشيء) إذا أجاد معرفته ، أي زيادة على علمه على وجه التتميم وعلى الأول ، ف (تماما) في موقع المفعول له. وجاز حذف اللام لكونه في معنى (إتماما) أو مصدر لقوله (ءاتينا) من معناه. لأن إيتاء الكتاب إتمام للنعمة. كأنه قيل : أتممنا النعمة إتماما. ف (تمام) بمعنى (إتمام) كنبات في قوله تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً). أو (أصله إيتاء تمام). وعلى الوجه الثاني هو حال من الكتاب. وقرأ يحيى بن يعمر (على الّذي أحسن) بالرفع أي : على الذي هو أحسن ، أو على الوجه الذي هو أحسن ما يكون عليه الكتب. ف (تماما) حال من الكتاب بمعنى (تاما) أي حال كون الكتاب تامّا كائنا على أحسن ما يكون.