حام حمى حمى ظهره. فيترك فلا ينتفع منه بشيء ، ولا يمنع من ماء ولا مرعى. وحكى أبو مسلم : إذا أنتجت الناقة عشرة أبطن ، قالوا : حمت ظهرها.
وقد روي في تفسير هذه الأربعة ، أقوال أخر. ولا تنافي في ذلك. لأن أهل الجاهلية لهم في أضاليلهم تفنّنات غريبة.
هذا وروى ابن أبي حاتم عن أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة ، عن أبيه مالك بن نضلة ، قال : أتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم في خلقان من الثياب. فقال لي : هل لك من مال؟ فقلت : نعم. قال : من أيّ المال؟ قالت فقلت : من كل المال : الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال : فإذا أتاك الله مالا كثيرا فكثّر عليك. ثم قال : تنتج إبلك وافية آذانها؟ قال قلت : نعم. قال : وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟ قال : فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها ، وتقول : هذه حرم؟ قلت : نعم. قال : فلا تفعل. إن كل ما آتاك الله لك حلّ. ثم قال : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ).
أما البحيرة فهي التي يجدعون آذانها فلا تنتفع امرأته ولا بناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها. فإذا ماتت اشتركوا فيها. وأما السائبة فهي التي يسيبون لآلهتهم يذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها ، وأما الوصيلة فالشاة تلد ستة أبطن. فإذا ولدت السباع جدعت وقطعت قرنها فيقولون : قد وصلت ، فلا يذبحونها ولا تضرب ولا تمنع مهما وردت على حوض.
قال ابن كثير : هكذا ذكر تفسير ذلك مدرجا في الحديث. وقد روي من وجه آخر عن أبي الأحوص من قوله ، وهو أشبه. وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد (١) عن مالك بن نضلة. وليس فيه تفسير هذه. والله أعلم.
(وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أي : ما شرع
__________________
(١) أخرجه في المسند ٣ / ٤٧٣ وهذا نصه : عن أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأنا قشيف الهيئة. فقال : «هل لك مال»؟ قال قلت : نعم. قال «فما مالك»؟ فقال : من كل المال ، من الخيل والإبل والرقيق والغنم. قال «فإذا آتاك الله عزوجل مالا ، فلير عليك» فقال «هل تنتج إبل قومك صحاحا آذانها ، فتعمد إلى الموسى فتقطعها أو تقطّعها وتقول : هذه بحر. وتشق جلودها وتقول : هذه حرم ، فتحرمها عليك وعلى أهلك»؟ قال قلت : نعم. قال «كلّ ما آتاك الله عزوجل لك حلّ ، وساعد الله أشدّ ، وموسى الله أحدّ» وربما قالها وربما لم يقلها. وربما قال «ساعد الله أشدّ من ساعدك ، وموسى الله أحد من موساك» قال قلت : يا رسول الله! رجل نزلت به فلم يقرني ولم يكرمني. ثم نزل بي ، أقريه أو أجزيه بما صنع؟ قال «بل أقره».