فقال بعضهم : هي واقعة أخرى. وقال بعضهم : هي قضية واحدة ، ولكن كانوا أولا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ثم بعثهم سرية مع أبي عبيدة. فوجدوا هذه في سريتهم تلك مع أي عبيدة. والله أعلم؟
وعن أبي هريرة (١) : أن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء. فإن توضأنا به عطشنا. أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. رواه مالك والشافعيّ وأحمد وأهل السنن. وصححه البخاري والترمذيّ وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم.
وعن ابن عمر (٢) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالحوت والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال. رواه الشافعيّ وأحمد وابن ماجة والدّارقطنيّ ، والبيهقيّ ، وله شواهد. وروي موقوفا. فهذه حجج الجمهور.
الثاني : احتج بهذه الآية أيضا من ذهب من الفقهاء إلى أنه يؤكل دواب البحر ، ولم يستثن من ذلك شيئا. وقد تقدم عن الصديق أنه قال : طعامه كل ما فيه. وقد استثنى بعضهم الضفادع ، وأباح ما سواها ، لما رواه الإمام أحمد (٣) وأبو داود عن أبي عبد الرحمن التيميّ ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن قتل الضفدع. وللنسائيّ عن عبد الله بن عمرو قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قتل الضفدع وقال : نقيقها تسبيح.
(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) أي : محرمين ؛ فإذا اصطاد المحرم الصيد متعمدا أثم وغرم. أو مخطئا غرم وحرم عليه أكله. لأنه في حقه كالميتة (وَاتَّقُوا اللهَ) في الاصطياد في الحرم أو في الإحرام ، ثم حذرهم بقوله سبحانه : (الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي : تبعثون فيجازيكم على أعمالكم.
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٣٧ والحديث رقم ٧٢٣٢.
وأخرجه أبو داود في : الطهارة ، ٤١ ـ باب الوضوء بماء البحر ، حديث ٨٣.
والترمذيّ في : الطهارة ، ٥٢ ـ باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور.
والنسائي في : الطهارة ، ٤٦ ـ باب ماء البحر.
وابن ماجة في : الطهارة ، ٣٨ ـ باب الوضوء بماء البحر ، حديث ٣٨٦.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢ / ٩٧ والحديث رقم ٥٧٢٣.
وأخرجه ابن ماجة في : الصيد ، ٩ ـ باب صيد الحيتان والجراد ، حديث ٣٢١٨.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٣ / ٤٥٣.