إن هذه المرأة سرقتنا ، قال قومها : فنحن نفديها (يعني أهلها) فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : اقطعوا يدها. فقطعت يدها اليمنى ، فقالت المرأة : هل لي من توبة؟ يا رسول الله! قال : نعم. أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك. فأنزل الله عزوجل في سورة المائدة : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) .. الآية.
قال ابن كثير : وهذه المرأة هي المخزومية التي سرقت. وحديثها ثابت في الصحيحين (١) من رواية الزهري عن عائشة أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة الفتح. ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه. قال عروة : فلما كلمه أسامة فيها ، تلوّن وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أتكلمني في حد من حدود الله؟ قال أسامة : استغفر لي ، يا رسول الله؟
فلما كان العشي قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد. فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. والذي نفس محمد بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
ثم أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتلك المرأة فقطعت يدها ، فحسنت توبتها بعد ذلك. وتزوجت.
قالت عائشة : فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا لفظ مسلم. وفي لفظ له (٢) عن عائشة قالت : كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقطع يدها. وعن ابن عمر. قال : كانت امرأة مخزومية تستعير متاعا على ألسنة جاراتها وتجحده. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقطع يدها. رواه الإمام أحمد (٣). وأبو داود والنسائي
، وهذا لفظه. وفي لفظ له (٤) : إنّ امرأة كانت تستعير الحلي للناس ثم تمسكه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قم يا بلال! فخذ بيدها فاقطعها.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : المغازي ، ٥٣ ـ باب وقال الليث ، حديث ١٢٨٧.
وأخرجه مسلم في : الحدود ، حديث ٨ و ٩.
(٢) أخرجه مسلم في : الحدود ، حديث ١٠.
(٣) أخرجه في المسند ٢ / ١٥١ والحديث رقم ٦٣٨٣.
وأبو داود في : الحدود ، ١٦ ـ باب في القطع في العارية إذا جحدت ، حديث ٤٣٩٧.
والنسائي في : السارق ، ٥ ـ باب ما يكون حرزا وما لا يكون.
(٤) أخرجه النسائي في : السارق ، ٥ ـ باب ما يكون حرزا وما لا يكون.