أحد لمّا دعا الداعى إلى الجهاد ، وكان قد خرج جنبا ، فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الملائكة غسّلته ، فاشتهر باسم «حنظلة غسيل الملائكة». وفى الحديث عن الضرر والضرار : «لا ضرر ولا ضرار. من ضار ضار الله به ، ومن شاقّ شاقّ الله عليه» أخرجه الدارقطنى. والفرق بين الضرر والضرار : هو أن الضرر : الذى لك به منفعة وعلى جارك فيه مضرة ؛ والضرار : الذى ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه المضرة. وفى مسجد الضرار يقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً) (التوبة) ، يعنى يقصد به المضرّة وغير الله ، فلا تقام فيه صلاة فى وقت من الأوقات ، ولا فى حين من الأحيان ، ونقيضه «مسجد التقوى» ، أى المؤسس على التقوى منذ البداية ، وهو الأحق أن يصلّى فيه المطهّرون ، ومثله «مسجد قباء» ، وهو أسبق زمنا من «مسجد الرسول» صلىاللهعليهوسلم ، لأنه أسس فى المدينة منذ اليوم الأول لوصول النبىّ صلىاللهعليهوسلم إليها. وفى ذلك قال أبو هريرة : نزلت فى مسجد أهل قباء هذه الآية : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨) (التوبة) ، كانوا يتوضئون للصلاة ، ويغتسلون من الجنابة ، وإذا خرجوا من الغائط يستنجون بالماء ، فذلك هو التطهّر من القذارات والنجاسات المادية ، على أن هناك مستقذرات روحية أو نفسية كانوا يتطهّرون منها ولا يأتونها : كالكذب والنميمة والشحّ ، والبغض ، والتحاسد ، وسلاطة اللسان إلخ ، وذلك التطهّر هو ما أحبه الله فيهم. ونقيض ذلك أهل «مسجد الضرار» أو «مسجد النفاق» ، يقول تعالى مقارنا بينهما : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١١٠) (التوبة) ، والمقارنة استفهام إنكارى على سبيل التشبيه ، والمعنى ، أن التأسيس على التقوى ليس كالتأسيس على الجرف المصدّع ، فينهار فى نار جهنم. والتمثيل لعمل أهل الإخلاص وعمل أهل النفاق ، والأخيرون لا يزال بنيانهم ريبة فى قلوبهم ، يحسبون أنهم كانوا على الحق ، وأن مسجدهم هدم وحرق ظلما ، فلا يبارحهم الغيظ والحنق إلا أن تتصدع قلوبهم فيموتوا. وقيل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا نزلت هذه الآيات ، كان لا يمر بالطريق التى فيها بقايا المسجد ، وأنه أمر أن تتخذ مكانه كناسة ، أى مقلب زبالة ، تلقى فيها الجيف والأقذار والقمامات.
* * *
١٩٣٤ ـ أربعة مساجد لم يبنهن إلا نبىّ
عن عبد الله بن بريدة فى قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (٣٦) (النور) قال : إنما هى أربعة مساجد لم يبنهن إلا نبىّ : الكعبة ـ بناها إبراهيم