يهمّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم فأريه فى المنام عبد الله بن زيد ، وعمر بن الخطاب ، وأبو بكر الصديق ، وقيل أريه بضعة عشر رجلا ، وقيل سبعة ، ولم يثبت شىء من ذلك إلا لعبد الله بن زيد. وقيل : كان النبىّ صلىاللهعليهوسلم قد سمع الأذان فى الإسراء ، وأمر بلالا به ، غير أن الإسراء كان فى مكة ، والأذان كان فى المدينة ، وربما سمعه فى الإسراء ولم يقرره إلا فى المدينة. وزاد بلال فى الصبح : «الصلاة خير من النوم» ، وأقرّها الرسول صلىاللهعليهوسلم. وقيل : الحكمة فى مجىء الأذان على لسان الصحابى عبد الله بن زيد أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم سمعه فى الإسراء فوق سبع سماوات ، فلمّا تأخّر الأمر بالأذان عن فرض الصلاة ، أراد إعلامهم بالوقت ، فرأى عبد الله بن زيد فى المنام أنه يؤذّن ، فقصّ منامه على النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فوافقت كلمات الأذان ما كان قد سمعه فى السماء ، فقال : «إنها لرؤيا حق» ، وعلم أن مراد الله بما رآه فى السماء أن يكون سنّة فى الأرض ، وتقوّى فى ذلك بموافقة عمر ، لأن السكينة تنطق على لسان عمر. والحكمة فى إعلام الناس بالأذان بغير لسانه صلىاللهعليهوسلم ، أن يكون التنويه بقدره ، والرفع لذكره ، بلسان غيره ، ليكون أقوى لأمره ، وأفخم لشأنه. ولمّا كان مبدأ الأذان عن مشورة أوقعها النبىّ صلىاللهعليهوسلم بين أصحابه حتى استقر برؤيا بعضهم فأقرّه ، كان ذلك بالمندوبات أشبه. ثم لمّا واظب على تقريره ، ولم يتركه ، ولا أمر بتركه ، ولا رخّص فى تركه ، كان ذلك بالواجبات أشبه. واستشكل البعض إثبات حكم الأذان برؤيا صحابىّ باعتبار أنه من غير الأنبياء ، وأن رؤياه لا ينبنى عليها حكم شرعى ، إلا أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أقرّه بالصيغة التى سمعه بها الصحابى فى منامه ، وأخبر الرسول صلىاللهعليهوسلم أصحابه أنه وجد الوحى فيه. وقيل : يستحب الأذان فى أذن المولود.
* * *
١٨٢١ ـ الدعاء للنبىّ بعد الأذان
فى الحديث عن الأذان : «قولوا مثل ما يقول ، ثم صلّوا علىّ ، ثم سلوا الله لى الوسيلة» فبعد ترديد الأذان مع المؤذن ، وقول «لا حول ولا قوة إلا بالله» عند الحيعلة ، أى قول «حىّ على الفلاح» ، و «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله» عند فراغه من الآذان ، يقول المصلى : اللهم صلّ وسلم وبارك على محمد ، ثم يقول كقول النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته» أخرجه البخارى ، وفى رواية زيد فيه : «إنك لا تخلف الميعاد». والدعوة التامة : المراد بها دعوة التوحيد ، كقوله تعالى : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) (١٤) (الرعد) ، ووصفت بالتمام ، لأن الشركة نقص ، ولأنها دعوة لا يدخلها تغيير ولا تبديل ، وفيها أتم القول ، وهو : «لا إله إلا الله ،