قبل العلمية ـ إذا تبين حملها وهى فى العدة ، أو إذا رغب الزوجان فى استئناف حياتهما وقد ثابا إلى رشدهما ، فالأولى بهما أن يفعلا ذلك لأنه خير ، وذلك ما جعل الرسول ينهى عن الطلاق فى الحيض ، ليعطى الزوجان فسحة أن يتصالحا ، فالتشريع الإسلامى ليس كتشريعات اليهود والنصارى ، حيث لا مناسبة للتشريع فى اليهودية والنصرانية ، ولا مسوغ ولا سبب ولا داع يستلزمه ، ولا هو يخفف عن الناس ، وعلى عكس ذلك فى الإسلام فإن التشريع يتنزل وفق الحاجة إليه ، ولمصلحة الناس. وتروى أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية أنها : طلّقت على عهد رسول الله الله ولم يكن للمطلقة عدة ، فأنزل الله عزوجل العدّة للطلاق ، فكانت أول من نزلت فيها العدة». وأيضا فإن الطلاق البائن والطلاق الرجعى هما من الإبداع التشريعى فى الإسلام ، فلمّا نزلت الآية : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) (٢٢٨) (البقرة) ، لم يكن هناك ـ حال نزولها ـ مطلقة بائن ، وإنما كان ذلك لمّا حصروا فى الطلاق بالآية : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٢٢٩) (البقرة) ، فكان الرجل قبلها أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة! ثم إنه من بعد هذه الآية لم يعد له إلا طلقتان رجعيتان ، ثم الثالثة بائنة ، فصار فى المطلقات هذا المصطلح الجديد «البائن وغير البائن». ورجعة المرأة ليست عن ذل كما يرجّف المرجّفون ، ولا هى بالغصب فما من تشريع يغصب المرأة على معاشرة رجل لا تطيقه. ، وليس معنى أن بعلها أحق بمراجعتها أن له ذلك بلا شروط ، وإنما الشرط الحاكم للمراجعة موافقتها ، باعتبار أن لها من الحقوق مثل ما عليها ، وأنها تتساوى فى ذلك مع الرجل ، فلا سيد ولا مسود فى نظام الزواج ، ولا استكبار ولا استعلاء ، وللرجل درجة زيادة عليها ، وهى مسئوليته عن البيت ، ماديا وأدبيا ، لأن له الدراية الأكثر ، والخبرة الأعرض ، وهو الأحق ـ بمنطق أهل علم الإدارة وبمقاييس علم النفس الإدارى ـ أن تكون له القوامة على البيت ، والقوامة ليست رئاسة مطلقة ولا استبداد وديكتاتورية وإنما هى القيام بالمصالح ، والنهوض على شئون الزوجة والأولاد ، بما يحقق التكافل والتربية الفاضلة ، وأما الرجعة فهى موضوع آخر يخصّ المرأة بالدرجة الأولى ، ويقتضى موافقتها.
* * *
١٧٦٠ ـ من يصحّ طلاقهن فى الحيض
يصحّ طلاق خمس من الزوجات فى الحيض وغيره : فأولا : الصغيرة التى لم تبلغ التاسعة ؛ وثانيا : التى لم يدخل بها الزوج ، ثيّبا كانت أو بكرا ، مع الخلوة وعدمها ؛ وثالثا : الآيسة ، وهى التى انقطع حيضها ببلوغها سن الإياس ؛ ورابعا : التى غاب عنها زوجها مدة تحيض فيها وتنتقل إلى طهر ، ومقدارها شهر ، وخامسا : الحامل المتيقن حملها ، رغم أنه لم يدخل بها ، أو رغم أنه غائب عنها مدة أطول من مدة حملها.
* * *