كانت الهبة أو العطية لذى رحم ، فعن سلمان بن عامر الضبى مرفوعا أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذى الرحم صدقة وصلة». ولم يثبت عن الرسول صلىاللهعليهوسلم قول الفقهاء أن الهبة لا تجوز من المرأة إلا فى الشيء التافه أو اليسير!! ولا قولهم أنه لا يجوز لها أن تعطى بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة إلا من الثلث ، وأما حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن جدّه : «لا تجوز عطية امرأة فى مالها إلا بإذن زوجها» فمردود عليه بأن المرأة المقصودة هى غير الرشيدة ، فكما ترى : فإن المرأة الرشيدة العاقلة لها مطلق الحرية أن تتصرف فى مالها وفى مال زوجها كيف شاءت. فهل يقال بعد ذلك إن الإسلام يعادى المرأة؟ وأن القرآن كتاب أنزل من أجل الرجال دون النساء؟ مع ملاحظة أن أحاديث الرسول صلىاللهعليهوسلم فى صدقة المرأة جميعها من وحى القرآن.
* * *
١٧١١ ـ هل للمرأة أن تهدى من مالها أو مال زوجها؟
نعم لها ذلك ، ففي الصحيح عن عائشة أنها سألت الرسول صلىاللهعليهوسلم : إن لى جارين ، فإلى أيهما أهدى؟ قال : «إلى أقربهما منك بابا» ، يعنى : أنه لم يكن ضد مبدأ الإهداء. وفى الصحيح كذلك عن ابن عباس : أن ميمونة زوج النبىّ صلىاللهعليهوسلم أعتقت وليدة لها ، فقال لها : «ولو وصلت أخوالك كان أعظم لأجرك» ، والوليدة هى الجارية ، فلم ينكر عليها أن وهبت من مالها أو ماله ، ولكنه أعرب لها عن تفضيله أن تكون الهبة أو العطية للأقارب المحتاجين ، وبذلك تكون صدقة وتكون صلة رحم ، والقريب أولى من الغريب. وفى كل الأحوال للمرأة الرشيدة حقّ التصرف فى مالها ومال زوجها الذى وهبه لها أو أعطاها حقّ التصرف فيه. وكانت عائشة رضى الله عنها تعير ثيابها الغالية للعرائس يلبسنها فى أعراسهن ، ولم تكن تستأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتصدّقت بربع الشاة قبل أن تعلمه ، فامتدحها وأثنى عليها!!!
* * *
١٧١٢ ـ مسئولية الزوجة كمسئولية الزوج سواء بسواء مع مراعاة التخصص
فى الصحيح عن ابن عمر عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، والأمير راع ، والرجل راع على أهل بيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». والراعى هو كل من ولى أمرا ، يديره ، ويسوسه ، ويحافظ عليه ، ويذود عنه ، ويتدبره ، ويفكر فيه. والرعاية هى عمل الراعى ، يقوم به بحسب تخصّصه وثقافته وتعليمه وخبرته ، وبحسب مقتضيات ما يقوم به من العمل ، وبحسب أصوله ، ويظل يروضه ولا يهمله ، ولا يؤخره ، ولا يتكاسل ولا يتوانى عنه ، ويشرف عليه ولا يتراخى