بابتعاد الأرض فتتجمد ، وتتجمد عليها كل مظاهر الحياة ، أو أنها تنفلت من عقال جاذبية الشمس فتضيع فى فضاء الكون. ومن فوائد انصداع الأرض : أن تتكون التربة من حبيبات تتشرب ماء المطر فتنتفش وترقّ وتنشقّ ، وبذلك ينفسح المجال لجذر النبات أن يشقّ طريقه إلى أسفل ، ولساقه أن يشقّ طريقه إلى أعلى ، وللماء أن يجد لنفسه مكانا تتكون به الخزانات الجوفية والمجارى المائية. ولو لا انصداع التربة لما نبت النبات ، ولا كان الحبّ والثمر ، ولا اختزن الماء للاستعمال عند الحاجة ، ولهذا كان قسمه تعالى بالأرض ذات الصدع ، كآية كبرى من آياته تعالى ، تثبت قدرته وعلمه ووحدانيته. ثم إن التربة تتعرض لعمليات التعرية ، فتنزاح كميات من الصخور عن السطح ، ويخفّ الضغط على الصخور أسفلها ، فتستجيب بالتمدد ، فتنشق وتتصدّع ، فتندفع الصهارة الصخرية من باطن الأرض كطفوح بركانية ، تتعرض للتبريد عند سطح التربة وتتشقق ، ويتكون بها المزيد من التربة ، ومن خلال هذه الشقوق تكون تجوية الصخور تحت التربة وتعريتها ، وتكوين الرسوبيات. والتربة لازمة للزراعة ؛ والصخور الرسوبية لازمة لتكوين النفط ، والغاز الطبيعى ، والفحم ، والفوسفات إلخ ، وتتحدد بها ركازات الذهب ، والفضة والنحاس ، والرصاص ، والقصدير إلخ ، وتتكون مجارى الأنهار وبعض الكهوف. والقرآن سبق إلى التنبيه إلى هذه الصدوع وأقسم بها الله تعالى ، وذلك دليل على أنه كتاب من لدن الله ، وأنّ من بشّر به وبلّغ آياته هو نبىّ حقا أرسله الله تعالى بالحق.
* * *
١٣٨٩ ـ إعجاز آيات خلق السموات والأرض فى ستة أيام
ينبّه القرآن إلى خلق السموات والأرض فى ستة أيام فى ثمانى آيات من القرآن ، كقوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (٧) (هود) ، وقوله : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١٢) (فصلت). وهذه الأيام المشار إليها فى الآيتين ليست من «أيام الأرض» ، لأن الأرض لم تكن قد خلقت بعد. واليوم نسبى فى كل كوكب من الكواكب التى خلقها الله ، فيوم الأرض الشمسى مثلا هو الفترة التى تتم فيها للأرض دورة كاملة حول محورها أمام الشمس ، وتقدّر حاليا بأربع وعشرين ساعة. وأما يوم الأرض النجمى فيقدر بالفترة بين رؤية أحد النجوم الثابتة من فوق نقطة محددة من الأرض ، ثم رؤيته من جديد بعد دوران الأرض