حقيقة ظاهرة انحناء الضوء فى السماء ، ومن ثم تبدو لنا النجوم فى مواقع غير مواقعها الحقيقية ، وذلك دليل على أن ما نراه فى السماء ليس النجوم على الحقيقة وإنما هو مواقع النجوم كما يقول القرآن ، ولذلك كان هذا القسم العظيم بمواقع النجوم لأنها من آيات إعجاز الله تعالى فى كتابه القرآن.
* * *
١٣٧٣ ـ آية النجم الطارق
فى الآية : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) (١) (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٣) (الطارق) : الطارق اسم فاعل من الطّرق بمعنى الضرب بشدّة ، وهو الدّق ، والمطرقة التى يطرق بها ، والنجم الطارق من مجموعة النجوم النابضة أو «النوابض Pulsating stars» ، وتتميز بكثافتها وجاذبيتها الشديدة وحجمها الصغير ، فتدور حول محورها بسرعات يقال لها النوابض الراديويةRadio Pulsars ، لأنها ترسل نبضات منتظمة من الأشعة الراديوية فى كل جزء من الثانية بحسب سرعة دورانها حول محورها وحجمها ، وكذلك تطلق بعض «أشباه النجوم Quasars» موجات راديوية تطرق السماء وتثقب صمتها بنبضاتها السريعة وموجاتها الخاطفة ، وتميّزها فى مرحلة من مراحل احتضارها وانكدارها التى تسبق مراحل طمسها وخنسها كما فى قوله : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢) (التكوير) ، وقوله : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨) (المرسلات) ، وقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) (التكوير) وهو معنى القسم بالطارق النجم الثاقب ، من آيات الله تعالى الكبرى.
* * *
١٣٧٤ ـ آية النجوم الخنّس
لا يقسم الله تعالى فى القرآن إلا للتنبيه إلى عظمة المقسوم به وأهميته فى حركة الكون ، ويشهد العلم الحديث بصدق القرآن ودقة التعبير العلمى فيه ، ومن ذلك وصفه تعالى للنجوم بالخنّس الجوارى الكنّس ، يقول : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) (التكوير) وكان التفسير السائد هو التفسير اللغوى ، والخنّس فى اللغة من خنس بمعنى استتر وخفى ، ووصفه تعالى للشيطان بأنه خنّاس ، لأنه يخنس ، أى يختفى إذا ذكر اسم الله ؛ والجوارى تعنى الجاريات فى أفلاكها ، والكنّس من كناس الظبى الذى يختفى فيه ، فيكون القسم فى الآيات : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) هو قسم مؤكد بالنجوم المضيئة التى تختفى بالنهار وتظهر فى الليل ، والتى تجرى فى أفلاكها لتختفى وتستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء فى كناسها. غير أن التفسير العلمى الذى قيل به مؤخرا هو