ويجمع بين كل عبد وعمله ، وبين الظالم والمظلوم ، وبين كل نبىّ وأمته ،
وبين ثواب أهل الطاعات وعقاب أهل المعاصى ، وذلك (يَوْمُ التَّغابُنِ) (التغابن ٩) سمّى كذلك لأن أهل الجنة غبنوا فيه أهل النار ، واستقلّوا
بالجنة دون أهل النار ، والله تعالى قد خلق الجنة لتسع الناس جميعا ، فلما انقسموا
إلى أهل جنة وأهل نار ، آل ما كان من نصيب أهل النار من الجنة إلى أهل الجنة ، وما
كان من نصيب أهل الجنة من النار إلى أهل النار ، فكأن كلا منهما أخذ ما يستحق
بالمبادلة ، فوقع الغبن لمّا استبدل أهل النار الخير بالشر ، والجيد بالرديء ،
والنعيم بالعذاب. «ويوم القيامة» هو (الْيَوْمَ الْآخِرَ) (العنكبوت ٣٦) : نسبة إلى الآخرة المقابل «للأولى» وهى الدنيا ؛ والآخرة :
هى النهاية ودار البقاء ، والآخر يفيد أن هناك «أول» ، وكل ما له أول له آخر ،
والحياة كانت ابتداء وآخرتها الموت ثم البعث. و «اليوم الآخر» : هو يوم ينفخ فى
الصور فتموت كل الخلائق (طه ١٠٢) ، ثم ينفخ النفخة الثانية فيقومون يسعون إلى
ربّهم. ويوم القيامة هو «اليوم المحيط» ، كقوله : (وَإِنِّي أَخافُ
عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤) (هود) : لأنه يحيط بالكفّار ؛ و (يَوْمَ يَقُومُ
الْحِسابُ) (٤١) (إبراهيم) : لأن فيه الحساب الشديد والحساب اليسير ؛ و (يَوْمَ الْحَسْرَةِ) (مريم ٣٩) : لأن فيه يعطى كل إنسان كتابه فعندئذ تنتابه إما البهجة وإما
الحسرة ، وهو بالنسبة للكافرين يوم الحسرة وليس يوم البهجة ؛ و «يوم الحشر» (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ) (مريم ٨٥) لأن فيه يجمع المتقون إلى الرحمن وفدا ، ويساق المجرمون إلى جهنم
وردا يعنى مشاة عطاشى ؛ و (يَوْمِ الْبَعْثِ) (الروم ٥٦) لأن فيه يبعث الناس من قبورهم مع النفخة الثانية فى الصور ؛ و (يَوْمُ الْفَصْلِ) (الصافات ٢١) : وفيه يفصل المجرمون عن المؤمنين ، ويفصل بين الظالم
والمظلوم ، وبين أهل الحق وأهل الباطل ، ويفصل فى أمر كل إنسان ، فإما إلى الجنة
أو إلى النار ، (يَوْمَ الْآزِفَةِ) (غافر ١٨) : وسميت القيامة بالآزفة لأنها قريبة ، وكل ما هو آت قريب ،
كقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) (النجم ٥٧) أى قربت الساعة ؛ و (يَوْمُ الْوَعِيدِ) (٢٠) (ق) الذى وعد الكفار أن يكون عذابهم فيه ؛ و (يَوْمُ الْخُرُوجِ) (ق ٤٢) : أى الخروج من القبور ؛ و (يَوْمَ التَّنادِ) (غافر ٣٢) : وسمّى كذلك لمناداة الناس فيه على بعضهم البعض ، فينادى أصحاب
الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم ، وينادى أصحاب الجنة أصحاب النار ، وينادى أصحاب
النار أصحاب الجنة ؛ كقوله : (فَكَيْفَ إِذا
جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) (آل عمران ٢٥) : وهو اليوم الذى لا شك آت ؛ واليوم المشهود (هود ١٠٣) : أى
الذى يشهده البرّ والفاجر ، ويشهده أهل السماء ؛ و (يَوْمَ التَّلاقِ) (غافر ١٥) : هو يوم يلتقى أهل السماء وأهل الأرض ، ويلتقى الخلق والخالق ،
والعابدون والمعبودون ، والظالم والمظلوم ، ويوم يلقى كل إنسان جزاء عمله ، ويوم
يلتقى