وفى الحديث : «الكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» ، فلا تعارض إذن بين الآيتين ولا نسخ.
* * *
١١٧٥ ـ سورة الحشر
الآية : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) (٣) : قيل : لا يجوز ترك العدو الذى احتل الأرض وغصبها من أصحابها ، أن يرحل عن تراض ويجلو عمّا احتل ، وإنما كان ذلك فى أول الإسلام ثم نسخ ، والآن فلا بد من قتالهم ، أو سبيهم ، أو ضرب الجزية عليهم ، وذلك غير صحيح ، فقد يترك العدو ليرحل كما حدث فى لبنان ، وقد يتم التوافق معه على الجلاء كما حدث مع مصر ، وأما ضرب الجزية فذلك كان فى الماضى والآن يتم التعويض والاعتذار رسميا. والإجلاء هو ما كان ينبغى أن يفعل مع بنى النضير ، واختلف الأمر مع بنى قريظة.
والآية : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (٧) : قيل : نسختها الآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (الأنفال ٤١) ، وهذا غير صحيح ، لأن آية الحشر عن الفيء يكون بصلح من غير إيجاف خيل ولا ركاب ، بينما آية الأنفال عن الغنم يتقاسمه من قاتل عليه. ثم كيف تنسخ آية الأنفال آية الحشر ، مع أن الحشر نزلت بعد الأنفال بسنة؟ ومن المحال أن ينسخ المتقدم المتأخر.
* * *
١١٧٦ ـ سورة الممتحنة
الآية : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (٨) : قيل : كان ذلك فى أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ، ثم نسخ ، ونسخته الآية : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التوبة ٥) المعروفة بآية السيف. وقيل : الآية محكمة ، ولمّا سألت أسماء بنت أبى بكر النبىّ صلىاللهعليهوسلم : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة؟ قال : «نعم» أخرجه البخارى ومسلم ، وقيل : إن الآية نزلت فيها ، فلا معنى لقول من قال إن الآية منسوخة ، لأن برّ المؤمن بأهل الحرب ، ممن بينه وبينهم قرابة أو نسب ، أو ممن لا قرابة بينه وبينهم ولا نسب ، غير محرّم ولا منهىّ عنه ، إذا لم يكن فى ذلك دلالة لأهل الحرب على وجود عورة فى أهل الإسلام ، أو تقوية للعدو بكراع أو سلاح.
والآية : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) (١٠) : بيّنت أحكام