١١٤٦ ـ سورة الحج
الآية : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) (٢٨) : قيل : إنها منسوخة بالآية : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (الحج ٣٦) ، وأن ذبح الضحية نسخ كل ذبح قبل الإسلام ، ومن ذلك العقيقة ، ولا دليل على ذلك ، والآيتان تتحدثان عن الأكل والإطعام من الهدى ، والضحية لم تنسخ الهدى كزعمهم أنها قد نسخت العقيقة. والهدى شرع بهاتين الآيتين ، وكنّى فيهما عن الذبح والنحر بذكر اسم الله وقوله «وجبت جنوبها» ، ولا تعارض البتة بين ذبح الضحية وذبح الهدى ، ومن ثم لا نسخ هناك.
والآية : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) (الحج ٣٩) : قيل : إنها تنسخ كل ما فى القرآن من إعراض وترك وصفح عن المعتدين ، وهذا غير صحيح لأن كل آية لها مجالها ومعناها ضمن النسق الواردة فيه.
والآية : (وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٦٩) : قيل : تنسخها آية السيف التى تقول : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التوبة ٥) ، والصحيح أن لكل آية نسقها ومعناها ولا تتعارضان البتة.
والآية : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (الحج ٧٨) : قيل : إن الآية : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن ١٦) نسختها بجعل الجهاد بحسب الاستطاعة ، ولا حاجة لتقدير النسخ لأن المراد بالآيتين واحد وهو بذل الوسع فى الجهاد أو فى التقوى.
* * *
١١٤٧ ـ سورة المؤمنون
الآية : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) (المؤمنون ٩٦) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أن الآية محكمة ولا تعارض بينها وبين آية القتال ، فالقتال له أسبابه ، وهذه الآية فى غير أسباب القتال ، وتأمر بموادعة المشركين والمكذّبين ، وإلا فالقتال إذا كانوا البادئين وأصرّوا عليه وظلموا المسلمين ، كما تأمر بدفعهم بالتى هى أحسن بمداراتهم ، والمداراة محمودة ما لم تضر بالدين وتؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل. والإحسان إلى من يسيء إلينا ترياق نافع فى مخالطة الناس ، فيستجلب الخاطر ، ويعود بالعداوة صداقة ، والبغض محبة.
* * *