قيل : أن أبى جهل بن هشام ، كان قد حلف لئن رأى محمدا يصلى ليرضخن رأسه بحجر ، وحاول ذلك فما استطاع ، وكذلك حاول صاحبه الوليد بن المغيرة ، وآخر معهما ، فكأنما غلّت أيديهم ، فنزلت الآية. والإقماح : أن ترتفع الرأس كما الدابة إذا جذب لجامها ، ويقال أقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعا من شدّة ضيقه. والآية مثل ضربه الله تعالى لهم فى امتناعهم من الهدى ، كامتناع المغلول. وربما هى مثل لما يفعل بالغافلين المعرضين غدا فى النار من وضع الأغلال فى أعناقهم والسلاسل : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (٧١) (غافر).
٢ ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢) : قيل : نزلت فى بنى سلمة من الأنصار حين أرادوا أن يتركوا ديارهم وينتقلوا إلى جوار مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن آثاركم تكتب» فلم ينتقلوا. والآثار هى الخطا من الديار إلى المسجد ، فكلما بعدت الديار زاد الثواب ، وأراد لهم النبىّ صلىاللهعليهوسلم زيادة الثواب.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٧٧) : قيل : نزلت فى عبد الله بن أبىّ ، أو العاص بن وائل السهمى ، أو أبىّ بن خلف الجمحى ، وهو الذى تشير الآية إليه بكلمة (الْإِنْسانُ). قيل : إنه أتى النبىّ صلىاللهعليهوسلم بعظم حائل ـ يعنى متآكل ، فقال : يا محمد ، أترى أن الله يحيى هذا بعد ما رمّ؟ فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «نعم ، ويبعثك الله ويدخلك النار» ، فنزلت الآية. وكذلك نزلت الآيتان بعدها (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٧٩) (يس).
* * *
١٠٤٩ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الصافات
١ ـ فى قوله تعالى : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٤) : قيل : قال كفار مكة : أجعل محمد الآلهة إلها واحدا؟! وكيف يسع هذا الخلق فرد إله؟! فنزلت الآية تأكيدا لوحدانيته تعالى.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤) : قيل : إن أبا جهل لما سمع فى القرآن أن فى الجحيم شجرة اسمها الزقوم ، قال جهلا منه : وكيف تقوم شجرة وسط النار؟ فأنزل الله الآية عقوبة له ولأصحابه ، لأن من خلق النار لا يستبعد أن يخلق شجرة من جنسها لا تقوى النار عليها ، وتلك هى شجرة الزقوم التى تزقم الأنوف والحلوق برائحتها الكريهة وطعمها المنتن.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ)