عليهم : (.. أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) ، يعنى وهل ذلك يسوّغ لكم أن تكونوا على الشرك وتكفروا بنعمة الإيمان عليكم؟ أو هل لأنكم كنتم بمنأى عن عدوان الأعراب؟ أم أن ذلك أدعى لكم أن تؤمنوا بالله وتحمدوه على هذه النعمة؟!
* * *
١٠٤٢ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الروم
١ ـ وفى قوله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (٤) : قيل : نزلت هذه الآية لمّا قهر الفرس الروم ، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم على الفرس ، لأنهم وإياهم أهل كتاب ، وفى ذلك نزل قوله تعالى : (.. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٥) ؛ وكانت قريش تحب ظهور فارس ، لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا يؤمنون بالبعث ، فتحدّى المشركون المسلمين أن يكون ذلك صحيحا ، وتراهنوا ولم يكن الرهان قد حرّم ، وطالت المدة فاستمرت تسع سنوات إلى أن انتصر الروم على الفرس ، وتحقق أن القرآن صحيح من لدن الله ، وأن محمدا نبىّ حقا وصادق أمين. والبضع : بين الثلاث والتسع والعشر. وكان ظهور الروم على فارس يوم الحديبية ، فابتهج النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وفرح المسلمون. و (أَدْنَى الْأَرْضِ) هى أذرعات فى الشام ، يعنى أقرب الأرض إلى مكة ، وإلى فارس ، وإلى الروم.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧) : قيل : نزلت الآية تردّ على الكفار أن يتعجّبوا من إحياء الموتى.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨) : قيل : كان أهل الشرك يلبون فيقولون : لبّيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك! فأنزل الله : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) ، والمعنى هل يرضى أحدكم أن يكون عبيدكم شركاءكم فى الأموال والتجارة كنفسه؟ فإن لم ترضوا ذلك لأنفسكم ، فكيف جعلتم لله شركاء؟ وقيل : لمّا جعل كفار مكة أصنامهم شركاء لله وأصرّوا على قولهم ، أنزل الله الآية فيها دحض دعواهم وبيان تهافتها.
٤ ـ وفى قوله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ