كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام) ، فلخّص معنى الإسلام ، وفارق بين دعوة يدعو إليها مسيلمة الكذّاب ويوجزها فى كتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقول : «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك. أما بعد فإنى قد أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون» ، فرغم أنه يدّعى الإيمان بالله وأنه مرسل من لدنه ، إلا أنه يطالب بالشراكة مع الرسول صلىاللهعليهوسلم فى الأمر ، وأن يقتسما فيما بينهما الأرض ، فيكون لمسيلمة نصفها ولمحمد صلىاللهعليهوسلم نصفها ، فهى إذن دعوة دنيا وملك وليست دعوة لله تعالى ، فانظر بما أجابه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب. السلام على من اتّبع الهدى. أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين» ، فكان ردّه صلىاللهعليهوسلم أن دعاه للإيمان ولله ، وشرط له السلام بأن يكون على الهدى ، وذكّره بأن الأرض يرثها الله تعالى ويعقبها للمتقين! فكان كما قال له ربّه فى القرآن : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (الأنعام ٧١) ، وإسلام المسلمين لربّ العالمين : بإخلاص العبادة له وحده لا شريك له. ودعوة إبراهيم ـ قبل مسيلمة الكذّاب ، وقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (البقرة : ١٣٨). وكلمة «الإسلام» تأتى فى القرآن ثمانى مرات ، وكلمة «مسلم» مرتين ، وكلمة «مسلمون» خمس عشرة مرة ، وكلمة «مسلمين» إحدى وعشرين مرة ، وكلمة «مسلمات» مرتين ، وإذن فهى من الكلمات الأصول ، ولم يخترعها لنا مسيلمة الكذّاب ولا مرجليوث اليهودى ، فتأمّل ذلك أيها المسلم واحفظه عن ربّك ، واسمنا هو «المسلمون» ، أسمّانا به الله تعالى وليس مسيلمة ولا مرجليوث اليهودى!!
* * *
٤٢٥. الإسلام ليس دين محمد صلىاللهعليهوسلم وحده
يقول تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (آل عمران ١٩) ، فمن يظن أن الإسلام هو دين دعا إليه محمد صلىاللهعليهوسلم وحده فهو مخطئ ، وفى هذه الآية يخبر الله تعالى : «أنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام ، وهو اتّباع الرسل جميعا فيما بعثهم الله به فى كل حين ، حتى ختموا بمحمد صلىاللهعليهوسلم. والإسلام هو عنوان كل الرسالات منذ بدء الخليقة حتى اليوم ، فما يوجد إنسان يسلم وجهه لله إلا وسمّى مسلما ، وما اختلاف الديانات إلا كما قال تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) (آل عمران : ١٩) ، أى ما اختلفت الديانات إلا لمّا اختلفوا فى الحق وبغوا على بعضهم البعض ، فتحاسدوا