هذه الآية محامل كثيرة ووجوه للسلف والخلف. أظهرها السلف المفسرين رضوان الله عليهم. وهو أن المعنيّ بالموصول ، الحلفاء. وهو المرويّ عن ابن عباس في البخاريّ كما سيأتي : قال ابن أبي حاتم : وروي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والحسن وابن المسيب وأبي صالح وسليمان بن يسار والشعبيّ وعكرمة والسدّي والضحّاك وقتادة ومقاتل بن حيان ، أنهم قالوا : هم الحلفاء. انتهى.
ويزاد أيضا : علي بن أبي طلحة.
وكان الحلفاء يرثون السدس من محالفيهم. وروى الطبري من طريق قتادة : كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : دمي دمك. وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك. فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس. فأمروا بأن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس. ثم نسخ ذلك بالميراث ، فقال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ).
ولذا قال سعيد بن جبير : فآتوهم نصيبهم من الميراث. قال : وعاقد أبو بكر مولى فورثه.
قال الزمخشريّ : والمراد. ب (الذين عاقدت أيمانكم) موالي الموالاة. كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك. وهدمي هدمك. وثأري ثأرك. وحربي حربك. وسلمي سلمك. وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك. وتعقل عني وأعقل عنك. فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف. انتهى.
وعلى هذا ، فمعنى الآية : والذين عاقدتموهم على المؤاخاة والموالاة ، وتحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم على النصر والإرث ، قبل نزول هذه الآية ، فآتوهم نصيبهم من الميراث وفاء بالعقود والعهود. إذ وعدتموهم ذلك في الأيمان المغلظة.
وروى ابن أبي حاتم : كان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل ويقول. وترثني وأرثك. وكان الأحياء يتحالفون. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل حلف في الجاهلية ، أو عقد أدركه الإسلام ، فلا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا عقد ولا حلف في الإسلام».
وروى الإمام أحمد ومسلم (١) والنسائي عن جبير بن مطعم عن أبيه قال : قال
__________________
(١) أخرجه في المسند ١ / ١٩٠. وحديث ١٦٥٥ ونصه : عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : شهدت حلف المطيّبين مع عمومتي وأنا غلام. فما أحبّ أن لي حمر النعم وأني أنكثه. ـ