تنبيه :
قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ـ عام مخصوص بمحرمات أخر دلت عليها دلائل أخر. فمن ذلك ، ما صح عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم من النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها. وقد حكى الترمذيّ المنع من ذلك عن كافة أهل العلم. وقال : لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك. ومن ذلك ، نكاح المعتدة. ومن ذلك ، أن من كان في نكاحه حرة ، لا يجوز له نكاح الأمة. ومن ذلك ، القادر على الحرة لا يجوز له نكاح الأمة. ومن ذلك ، من عنده أربع زوجات لا يجوز له نكاح خامسة. ومن ذلك ، الملاعنة فإنها محرمة على الملاعن أبدا. فالآية مما نزل عامّا ودلت السنة ومواضع من التنزيل على أنها مخصصة بغيرها.
قال الإمام الشافعيّ في الرسالة :
[٢٤٤] فرض الله عزوجل على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله صلىاللهعليهوسلم.
[٢٤٥] فقال في كتابه : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
[٢٥٠] وقال : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ، وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
في آيات نظائرها.
قال الشافعيّ :
[٢٥٢] فذكر الله عزوجل الكتاب وهو القرآن : وذكر الحكمة. فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
[٢٥٣] وهذا يشبه ما قال. والله أعلم.
[٢٥٤] لأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة ، وذكر الله جل ثناؤه منّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة ، فلم يجز ، والله أعلم ، أن يقال : الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
[٢٥٥] وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله ، وأن الله افترض طاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وحتّم على الناس اتباع أمره ـ فلا يجوز أن يقال لقول : فرض ، إلا لكتاب الله ثم سنة رسولهصلىاللهعليهوسلم.
[٢٥٦] لما وصفنا من أن الله تعالى جل ثناؤه جعل الإيمان برسوله صلىاللهعليهوسلم مقرونا بالإيمان به.