عنها بأن تطلقوها (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَ) أي إحدى الزوجات. فإن المراد بالزوج الجنس. (قِنْطاراً) أي مالا كثيرا مهرا (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) أي يسيرا ، فضلا عن الكثير (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً) أي باطلا (وَإِثْماً مُبِيناً) بينا. والاستفهام للإنكار والتوبيخ. أي أتأخذونه باهتين وآثمين.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١)
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ) إنكار لأخذه إثر إنكار ، وتنفير عنه غب تنفير ، على سبيل التعجب. أي بأي وجه تستحلون المهر (وَقَدْ أَفْضى) أي وصل (بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) فأخذ عوضه (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) أي عهدا وثيقا مؤكدا مزيد تأكيد ، يعسر معه نقضه. كالثوب الغليظ يعسر شقه.
قال الزمخشريّ : الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة. ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه. فقد قالوا : صحبة عشرين يوما قرابة. فكيف بما جرى بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج؟ انتهى.
قال الشهاب الخفاجيّ : قلت بل قالوا :
صحبة يوم نسب قريب |
|
وذمة يعرفها اللبيب |
أو الميثاق الغليظ ما أوثق الله تعالى عليهم في شأنهم بقوله تعالى : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ). أو قول الوليّ عند العقد : أنكحتك على ما في كتاب الله : من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
تنبيه في فوائد :
الأولى ـ في قوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) دليل على جواز الإصداق بالمال الجزيل. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن كثرته ثم رجع عن ذلك : كما روى الإمام أحمد (١) عن أبي العجفاء السلميّ قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : ألا لا تغلوا صدق النساء. ألا لا تغلوا صدق النساء. فإنها لو كانت
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١ / ٤٠.