الله! ما الاستعجال؟ قال : يقول : قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي. فيستحسر عند ذاك ويدع الدعاء. وفي (مسند أحمد) (١) من حديث أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل. قالوا : يا رسول الله! كيف يستعجل؟ قال : يقول : قد دعوت لربي فلم يستجب لي.
ثم قال :
فصل
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي : الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ، وأدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة ، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم ، وصادف خشوعا في القلب ، وانكسارا بين يدي الرب ، وذلّا وتضرّعا ورقّة ، واستقبل الداعي القبلة ، وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنّى بالصلاة على محمد عبده صلىاللهعليهوسلم ، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألحّ عليه في المسألة وتملّقه ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدّم بين يدي دعائه صدقة ـ فإن هذا الدعاء لا يكاد يردّ أبدا. ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنها مظنة الإجابة ، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم. فمنها ما في السنن وفي (صحيح ابن حبان) (٢) من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي ـ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا ..! فقال : لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب! وفي لفظ : لقد سألت الله باسمه الأعظم.! وفي السنن (٣) و (صحيح ابن حبان) أيضا من حديث أنس بن مالك أنه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنّان بديع السموات والأرض ، يا ذا
__________________
(١) أخرجه أحمد في ٣ / ١٩٣.
(٢) أخرجه أبو داود بهذا النص في : الوتر ، ٢٣ ـ باب الدعاء ، حديث ١٤٩٣.
وأخرجه الترمذيّ في : الدعوات ، ٦٣ ـ باب جامع الدعوات عن النبي صلىاللهعليهوسلم. وفيه : فقال : «والذي نفسي بيده! لقد سأل الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى».
(٣) أخرجه أبو داود في : الوتر ، ٢٣ ـ باب الدعاء ، حديث ١٤٩٥.