وإظهارها. أو تكذيب النبيّ صلىاللهعليهوسلم. أو الكفر. وفي هذه الآية تنبيه منه تعالى لعباده على خوفه وخشيته لئلا يرتكبوا ما نهى عنه ، فإنه عالم بجميع أمورهم وقادر على معاجلتهم بالعقوبة ، وإن أنظر من أنظر منهم فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر ، ولهذا قال بعد هذا :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣٠)
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) بصور تناسبه ، أو في صحف الملائكة ، أو المعنى جزاء ما عملت (وَ) تجد (ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ) أي عملها السوء (أَمَداً بَعِيداً) أي غاية بعيدة لا يصل أحدهما إلى الآخر ، و (تود) في موضع الحال. والتقدير : وتجد ما عملت من سوء محضرا ، وادّة ذلك (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) كرره ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه كذا في الكشاف ـ.
وقال أبو السعود : تكرير لما سبق وإعادة له ، لكن لا للتأكيد فقط ، بل لإفادة ما يفيده قوله عزوجل (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) من أن تحذيره تعالى من رأفته بهم ، ورحمته الواسعة ، أو أن رأفته بهم لا تمنع تحقيق ما حذرهموه من عقابه ، وأن تحذيره ليس مبنيّا على تناسي صفة الرأفة ، بل هو متحقق مع تحققها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣١)
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال ابن كثير : هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية ، فإنه كاذب في دعواه تلك ، حتى يتبع الشرع المحمديّ في جميع أقواله وأفعاله ، كما ثبت في الصحيح (١) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : من
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الاعتصام ، ٢٠ ـ باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود ، لقول النبي صلىاللهعليهوسلم ....