يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١))
(حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
اختلف القرّاء
في قوله : (كُذِبُوا) ، فقرأ أهل الكوفة وأبو جعفر : (كُذِبُوا) بالتخفيف ، وكانت عائشة تنكر هذه القراءة. وقرأ الآخرون
بالتشديد ، فمن شدّده قال : معناه حتى إذا استيأس ، الرسل من إيمان قومهم وظنّوا
أي أيقنوا يعني الرسل أن الأمم قد كذّبوهم تكذيبا لا يرجى بعده إيمانهم ، والظنّ بمعنى اليقين ، وهذا معنى قول قتادة.
وقال بعضهم : معناه حتى إذا استيأس الرسل ممن كذّبهم من قومهم أن يصدّقوهم ،
وظنّوا أن من آمن بهم من قومهم قد كذّبوهم وارتدّوا عن دينهم لشدّة المحنة والبلاء عليهم واستبطاء
النصر. ومن قرأ بالتخفيف قال : معناه حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنّوا
، أي : ظنّ قومهم أن الرسل قد كذبتهم في وعيد العقاب.
وروي عن ابن
عباس : أن معناه ضعف قلوبهم [الرسل] ، يعني : وظنت الرسل أنهم قد كذبوا فيما وعدوا من النصر
، وكانوا بشرا فضعفوا ويئسوا وظنوا أنهم أخلفوا ، ثم تلا : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) [البقرة : ٢١٤] ، (جاءَهُمْ) ، أي : جاء الرسل نصرنا. (فَنُجِّيَ مَنْ
نَشاءُ) ، قرأ العامة بنونين ، أي : نحن ننجي من نشاء. وقرأ ابن
عامر وحمزة وعاصم ويعقوب بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم وفتح الياء على ما لم
يسمّ فاعله ، لأنها مكتوبة في المصحف بنون واحدة مضمومة ، فيكون محل (مَنْ) رفعا على هذه القراءة ، وعلى القراءة الأولى يكون نصبا
، فنجّي من نشاء عند نزول العذاب ، وهم المؤمنون المطيعون. (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) ، عذابنا ، (عَنِ الْقَوْمِ
الْمُجْرِمِينَ) ، أي : المشركين.
(لَقَدْ كانَ فِي
قَصَصِهِمْ) ، أي : في خبر يوسف وإخوته ، (عِبْرَةٌ) عظة ، (لِأُولِي الْأَلْبابِ
ما كانَ) ، يعني : القرآن ، (حَدِيثاً يُفْتَرى) ، أي : يختلق ، (وَلكِنْ تَصْدِيقَ
الَّذِي) ، أي : ولكن كان تصديق الذي ، (بَيْنَ يَدَيْهِ) ، من التوراة والإنجيل ، (وَتَفْصِيلَ كُلِّ
شَيْءٍ) ، مما يحتاج العباد إليه من الحلال والحرام والأمر
والنهي ، (وَهُدىً وَرَحْمَةً) ، بيانا ونعمة ، (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ، [والله تعالى أعلم].
تمّ الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوّله سورة الرعد.
__________________
__________________