فِي الْأَرْضِ) الآية ، (بِما صَبَرُوا) ، على دينهم وعلى عذاب فرعون ، (وَدَمَّرْنا) أهلكنا (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) ، في أرض مصر من العمارات ، (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) ، قال مجاهد : يبنون من البيوت والقصور. وقال الحسن : يعرشون من الأشجار والثمار والأعناب. وقرأ أبو بكر وابن عامر (يَعْرِشُونَ) بضم الراء هاهنا وفي النحل [٦٨] ، وقرأ الآخرون بكسرها.
قوله تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) ، قال الكلبي : عبر بهم موسى البحر يوم عاشوراء بعد مهلك فرعون وقومه فصامه شكرا لله عزوجل ، (فَأَتَوْا) فمرّوا (عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ) ، يقيمون ، قرأ [حفص](١) وحمزة والكسائي (يَعْكُفُونَ) بكسر الكاف ، وقرأ الآخرون بضمها وهما لغتان ، (عَلى أَصْنامٍ) ، أوثان (لَهُمْ) ، يعبدونها من دون الله. [قال ابن جريج : كانت تماثيل بقر](٢) ، قال : وذلك أول شأن العجل. قال قتادة : كان أولئك القوم من لخم وكانوا نزولا بالرقّة ، فقالت بنو إسرائيل لما رأوا ذلك ، (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً) ، أي : مثالا نعبده (كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ، ولم يكن ذلك شكا من بني إسرائيل في وحدانية الله ، وإنّما معناه اجعل لنا شيئا نعظّمه ونتقرّب بتعظيمه إلى الله وظنوا أن ذلك لا يضرّ الديانة وكان ذلك لشدّة جهلهم. (قالَ) موسى : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ، عظمة الله.
(إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ) ، مهلك ، (ما هُمْ فِيهِ) ، والتتبير الإهلاك ، (وَباطِلٌ) مضمحل وزائل ، (ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(قالَ) يعني موسى : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ) ، أي : أبغي لكم وأطلب ، (إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ، أي : على عالمي زمانكم.
[٩٣٩] أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري أنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الديلي عن أبي واقد اللّيثي ، قال :
خرجنا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم قبل حنين فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما كان للكفار ذات أنواط ، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ، لتركبنّ سنن من قبلكم».
(وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١) وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ
__________________
[٩٣٩] ـ حديث صحيح ، إسحاق بن إبراهيم ثقة ومن دونه توبعوا ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
عبد الرزاق هو ابن همام ، ومعمر هو ابن راشد ، والزهري هو محمد بن مسلم.
وهو في «مصنف عبد الرزاق» ٢٠٧٦٣ عن الزهري به.
وأخرجه الترمذي ٢١٨٠ والنسائي في «الكبرى» ١١١٨٥ وابن أبي شيبة (١٥ / ١٠١) والطيالسي ١٣٤٦ والحميدي ٨٤٨ وأحمد (٥ / ٢١٨) وأبو يعلى ١٤٤١ وابن حبان ٦٧٠٢ والطبراني ٣٢٩٠ ، ٣٢٩٤ وابن أبي عاصم في «السنة» ٧٦ من طرق عن الزهري به.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) سقط من المطبوع.