قائمة الکتاب
سورة الأنعام
١٠٧
إعدادات
تفسير البغوي [ ج ٢ ]
تفسير البغوي [ ج ٢ ]
المؤلف :الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :520
تحمیل
ما فعلوا [ذلك](١) من تحريم الحرث والأنعام وقتل الأولاد ، (فَذَرْهُمْ) ، يا محمد ، (وَما يَفْتَرُونَ) ، يختلقون من الكذب ، فإن الله تعالى لهم بالمرصاد.
(وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩))
(وَقالُوا) ، يعني : المشركين ، (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) ، أي : حرام ، يعني : ما جعلوا لله ولآلهتهم من الحرث والأنعام على ما مضى ذكره. وقال مجاهد : يعني بالأنعام البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، (لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ) ، يعنون الرجال دون النساء (وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها) ، يعني : الحوامي كانوا لا يركبونها ، (وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) ، أي : يذبحونها باسم الأصنام لا باسم الله ، وقال أبو وائل : معناه لا يحجّون عليها ولا يركبونها لفعل الخير ، لأنه لمّا جرت العادة بذكر اسم الله على فعل الخير عبّر بذكر الله تعالى عن فعل الخير. (افْتِراءً عَلَيْهِ) ، يعني : أنهم يفعلون ذلك ويزعمون أن الله أمرهم به افتراء (سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ).
(وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) ، أي : نسائنا. قال ابن عباس وقتادة والشعبي : أراد أجنّة البحائر والسوائب فما ولد منها حيّا فهو خالص للرجال دون النساء ، وما ولد ميّتا أكله الرجال والنساء جميعا. وأدخل الهاء في الخالصة للتأكيد كالخاصة (٢) والعامة ، كقولهم : نسّابة وعلّامة ، وقال الفراء رحمهالله : أدخلت الهاء [لتأنيث الأنعام لأن ما في بطونها مثلها فأنّثت](٣) لتأنيثها. وقال الكسائي : خالص وخالصة واحد ، مثل وعظ وموعظة. (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً) ، قرأ ابن عامر وأبو جعفر : تكن بالتاء ميتة رفع ، ذكر الفعل بعلامة التأنيث ، لأن الميتة في اللفظ مؤنثة.
وقرأ أبو بكر عن عاصم تكن بالتاء (مَيْتَةً) نصب ، أي : وإن تكن الأجنة ميتة ، وقرأ ابن كثير وإن يكن بالياء ميتة رفع ، لأنّ المراد بالميتة الميت ، أي : وإن يقع ما في البطون ميّتا ، وقرأ الآخرون : (وَإِنْ يَكُنْ) بالياء (مَيْتَةً) نصب ، ردّه إلى (ما) ، أي : وإن يكن ما في البطون ميتة ، يدلّ عليه أنه قال : (فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) ، ولم يقل فيها ، وأراد أن الرجال والنساء فيه شركاء. (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) ، أي : بوصفهم ، أو (٤) على وصفهم الكذب على الله ، (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (١٤١))
__________________
(١) زيادة عن المخطوطتين.
(٢) في المطبوع «كالخالصة».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في ب «أي» بدل «أو».