وقرأ الآخرون يقض بسكون القاف والضاد مكسورة ، من قضيت ، أي : يحكم بالحق بدليل أنه قال : (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) ، والفصل يكون في القضاء وإنما حذفوا الياء لاستثقال الألف واللام ، كقوله تعالى : (صالِ الْجَحِيمِ) [الصافات : ١٦٣] ، ونحوها ، ولم يقلّ بالحق لأن الحق صفة المصدر ، كأنه قال : يقضي القضاء الحق.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨) وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠))
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي) ، وبيدي ، (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ، من العذاب ، (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ، أي : فرغ من العذاب وأهلكتم ، أي : لعجلته حتى أتخلّص منكم ، (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ).
قوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) ، مفاتح الغيب خزائنه ، جمع مفتح ، واختلفوا في مفاتح الغيب :
[٨٧٣] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن الطيسفوني أنا عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن علي الكشميهني (١) أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر أنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلّا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلا الله تعالى ، ولا يعلم ما في الغد إلّا الله عزوجل ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلّا الله ، ولا تدري نفس بأيّ أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة أحد إلّا الله».
وقال الضحاك ومقاتل : مفاتح الغيب خزائن الأرض ، وعلم نزول العذاب ، وقال عطاء : ما غاب عنكم من الثواب والعقاب ، وقيل : انقضاء الآجال ، وقيل : أحوال العباد من السعادة والشقاوة وخواتيم أعمالهم ، وقيل : هي ما لم يكن بعد أنه يكون أم لا يكون ، وما يكون كيف يكون ، وما لا يكون أن لو كان كيف يكون؟ وقال ابن مسعود : أوتي نبيّكم علم كلّ شيء إلا علم مفاتيح (١) الغيب. (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ، قال مجاهد : البرّ : المفاوز والقفار ، والبحر : القرى والأمصار ، لا يحدث فيهما شيء إلّا
__________________
[٨٧٣] ـ إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في «شرح السنة» ١١٦٥ بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان ٧٠ و ٧١ من طريق إسماعيل بن جعفر به.
وأخرجه البخاري ١٠٣٩ و ٤٦٩٧ و ٤٣٧٩ وأحمد (٢ / ٢٤ و ٥٢ و ٥٨) من طرق عن عبد الله بن دينار به.
وأخرجه البخاري ٤٧٧٨ مختصرا وأحمد (٢ / ٨٥ و ٨٦) والطبراني ١٣٣٤٤ من طريق عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن ابن عمر به.
وأخرجه البخاري ٤٦٢٧ من طريق سالم عن ابن عمر به.
وأخرجه الطبراني ١٣٢٤٦ من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عمر به.
(١) وقع في الأصل «الكشمهيني» وهو تصحيف.
__________________
(١) في المخطوط ب «مفاتح».