وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧))
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) أي : أحاط علمه بجميع الأشياء.
قوله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) ، الآية. قال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في بنات أم كجّة وميراثهن ، عن أبيهن وقد مضت القصة في أول السورة (١).
ع [٧٢٠] وقالت عائشة رضي الله عنها : هي اليتيمة تكون في حجر الرجل ، وهو وليها فيرغب في نكاحها إذا كانت ذات جمال ومال بأقل من سنّة صداقها ، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركها ، وفي رواية : هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب أن يتزوجها لدمامتها ويكره أن يزوجها غيره فيدخل عليه في ماله فيحبسها حتى تموت فيرثها ، فنهاهم الله [عزوجل] عن ذلك.
قوله عزوجل : (وَيَسْتَفْتُونَكَ) أي : يستخبرونك في النساء ، (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) ، (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ، قيل : معناه ويفتيكم في ما يتلى عليكم ، وقيل : يريد الله أن يفتيكم فيهن وكتابه [يفتيكم فيهن](١) ، وهو قوله عزوجل : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) [النساء : ٢] ، قوله : (فِي يَتامَى النِّساءِ) ، هذا إضافة الشيء إلى نفسه لأنه أراد باليتامى النساء ، (اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَ) ، أي : لا تعطونهن ، (ما كُتِبَ لَهُنَ) ، من صداقهن ، (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ، أي في نكاحهنّ لمالهنّ وجمالهنّ بأقل من صداقهن ، وقال الحسن وجماعة : أراد لا تؤتونهن حقهن من الميراث لأنهم كانوا لا يورثون النساء ، ويرغبون أن ينكحوهن أي : عن نكاحهن لدمامتهن ، (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) يريد : ويفتيكم في المستضعفين من الولدان وهم الصغار ، أن يعطوهم حقوقهم لأنهم كانوا لا يورّثون الصغار ، يريد ما يتلى عليكم في باب اليتامى من قوله (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) [النساء : ٢] يعني بإعطاء حقوق الصغار ، (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) ، [أي : ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط](٢) بالعدل في مهورهن ومواريثهن ، (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) ، يجازيكم عليه.
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٢٨))
قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) الآية ، نزلت في عمرة ويقال : خولة (٣) بنت محمد بن مسلمة ، وفي زوجها سعد بن الربيع ، ويقال : رافع بن خديج تزوجها وهي شابة فلما علاها الكبر تزوّج عليها امرأة شابة ، وآثرها عليها وجفا ابنة محمد بن مسلمة ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشكت إليه فنزلت فيها هذه الآية (٢) ، وقال سعيد بن جبير : كان رجل له امرأة قد كبرت وله منها أولاد فأراد أن
__________________
(١) انظر ما تقدم برقم : ٥٢٠.
ع [٧٢٠] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٤٦٠٠ ومسلم ٣٠١٨ وأبو داود ٢٠٦٨ والنسائي في «التفسير» (١٤٤) والبيهقي ٧ / ١٤١.
(٢) لم أقف عليه بهذا السياق ، وورد بمعناه من حديث رافع بن خديج أخرجه مالك ٢ / ٥٤٨ ـ ٥٤٩ والحاكم ٢ / ٣٠٨.
__________________
(١) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٢) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٣) في المخطوط وحده «خويلة».