أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤) مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥))
قوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم واعد أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى في ذي القعدة فلما بلغ الميعاد دعا الناس إلى الخروج فكرهه بعضهم (١) ، فأنزل الله عزوجل (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) أي : لا تدع جهاد العدو والانتصار (١) للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك ، فإن الله قد وعدك النصرة وعاتبهم (٢) على ترك القتال ، والفاء في قوله تعالى : (فَقُتِلَ) جواب عن قوله (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٧٤] فقاتل ، (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) ، على القتال أي حضّهم على الجهاد ورغّبهم في الثواب ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سبعين راكبا فكفاهم الله القتال ، فقال جل ذكره (عَسَى اللهُ) أي : لعلّ الله ، (أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، أي : قتال المشركين و (عَسَى) من الله واجب ، (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً) أي : أشدّ صولة وأعظم سلطانا ، (وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) أي : عقوبة.
قوله عزوجل : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) ، أي : نصيب منها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس ، والشفاعة السيئة : هي المشي بالنميمة بين الناس ، وقيل : الشفاعة الحسنة هي : حسن القول في الناس ينال به الثواب والخير ، والسيئة هي : الغيبة وإساءة القول في الناس ينال به الشر ، قوله (كِفْلٌ مِنْها) أي : من وزرها ، وقال مجاهد : هي (٣) شفاعة الناس بعضهم لبعض ، يؤجر الشفيع على شفاعته وإن لم يشفّع.
[٦٦٩] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي [أنا أحمد بن عبد الله النعيمي](٤) ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل [أنا محمد بن يوسف](٢) ، أنا سفيان الثوري ، عن أبي بردة أخبرني جدي أبو بردة ، عن أبيه أبي موسى رضي الله عنه قال :
كان النبي صلىاللهعليهوسلم [جالسا](٥) إذ جاءه رجل يسأل أو طالب حاجة فأقبل علينا بوجهه ، فقال : «اشفعوا
__________________
(١) انظر ما تقدم عند آية : ١٧٢.
[٦٦٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، محمد بن يوسف هو ابن واقد ، الثوري هو سفيان بن سعيد ، أبو بردة هو بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، من أحفاد أبي موسى الأشعري.
ـ وهو في «شرح السنة» (٣٣٥٥) بهذا الإسناد.
ـ خرّجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٦٠٢٦) عن محمد بن يوسف بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الحميدي ٧٧١ والقضاعي في «مسند الشهاب» (٦٢٠) من طريق سفيان الثوري به. وأخرجه أبو داود ٥١٣١ و ٥١٣٣ والنسائي ٥ / ٧٧ ـ ٧٨ من طريق سفيان بن عيينة ، عن أبي بردة به.
ـ وأخرجه البخاري ١٤٣١ و ٦٠٢٨ و ٧٤٧٦ ومسلم ٢٦٢٧ والترمذي ٢٦٧٤ وأحمد ٤ / ٤٠٠ وأبو يعلى ٧٢٩٦ والقضاعي ٦٢١ من طرق عن أبي بردة به.
ـ وفي الباب من حديث أبي داود ٥١٣٢ والنسائي ٥ / ٧٨.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» و «صحيح البخاري».
__________________
(١) في المطبوع «الاستنصار».
(٢) في المطبوع «عاقبهم».
(٣) في المطبوع «على».
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».