وطبائع شيطانية
إلى العذاب الأكبر الذي هو أسفل سافلين ، التي تحت الصخرة المذكورة بسجين في أسفل
الأرض. وتلتصق بها ، وتنشئها العناية الإلهية في الصورة التي قدمنا ذكرها أصنافا
لا تحد ولا تعد ، ولا يعلم بعذابها ونحسها وكونها إلّا المدبر للأمس. ويحصل مع من هو في العذاب وفي
الأكوار والأدوار في كهوف وغيران وهي كالبوطة لوهج النيران ، وهي كباريت وزاجات ،
أعني المغارات.
وقد قدمنا القول
على ذلك وصورناه نحن في موضعه نريد إعادة الصورة وهي هكذا ، والفلك من أعلى الأرض منكوس ومن أسفلها ثابتها ومن قطر
بها عرض فهو أعلى الفلك وعالم الكون والفساد ، وعلى هذه الهيئة نعوذ بالله من
العذاب.
فمغاراتها وكهوفها
فمن أجل ذلك أن الهواء إذا تموج تحت الأرض واشتد الريح ، وامتلأ من هذه الكهوف كهف
اهتزت الأرض ووقعت الزلازل والرجف على قدر كثرته وقلته وضعفه وقوته ، وصورة الأرض
هكذا في وسط الفلك والكواكب من ظاهرها الفوقاني منكوسة لثبات ما ينشأ على وجه
الأرض ومن باطنها التحتاني ثابت ، القمر إلى ناحيتها وذلك للاعوجاج صور أهل العذاب
الأكبر وعقابهم ، وفي القطرين عرضا ، وكل ذلك حكمة بالغة ، وقدرة باهرة ، وقدر
المقدر المدبر. ذلك كذلك لكون الأفلاك بالأرض دائرة ، وهي من جميع نواحيها صلدة
ملساء ، لأن لا منها شيء على الفلك ولا ما يسأل. بل رطوبة كبريتية تتوهج بالحرارة
المحرقة المغنية. وإن تلك الصور على غير الصور التي على وجه الأرض لأنها مشوهة مسخمة مقبوحة ملعونة ببعدها عن الأزل. فهي لا تموت ولا
تحيا أبد الآبدين ودهر الداهرين.
__________________