(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ. وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ. فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ..
بل الذين كفروا يكذبون. يكذبون إطلاقا. فالتكذيب طابعهم وميسمهم وطبعهم الأصيل. والله أعلم بما يكنون في صدورهم ، ويضمون عليه جوانحهم ، من شر وسوء ودوافع لهذا التكذيب ..
ويترك الحديث عنهم ، ويتجه بالخطاب إلى الرسول الكريم : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) .. ويا لها من بشرى لا تسر ولا يودها متطلع إلى بشرى من بشير!
وفي الوقت ذاته يعرض ما ينتظر المؤمنين الذين لا يكذبون ، فيستعدون بالعمل الصالح لما يستقبلون. ويجيء هذا العرض في السياق كأنه استثناء من مصير الكفار المكذبين :
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ. لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ..
وهو الذي يقال عنه في اللغة إنه استثناء منقطع. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يكونوا داخلين ابتداء في تلك البشارة السوداء ثم استثنوا منها! ولكن التعبير على هذا النحو أشد إثارة للانتباه إلى الأمر المستثنى!
والأجر غير الممنون .. هو الأجر الدائم غير المقطوع .. في دار البقاء والخلود ..
وبهذا الإيقاع الحاسم القصير ، تنتهي السورة القصيرة العبارة ، البعيدة الآماد في مجالات الكون والضمير.
* * *