إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ (٣٧) قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠) قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ (٤١) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٤٤)
ترد هذه الإشارة إلى داود ، وهذه القصة عن سليمان بعد تلك الحلقة من قصة موسى ـ عليهمالسلام ـ وهم من أنبياء بني إسرائيل ، في السورة التي تبدأ بالحديث عن القرآن ؛ ويجيء فيها : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ..
وقصة سليمان ـ عليهالسلام ـ في هذه السورة مبسوطة بتوسع أكثر منها في أية سورة أخرى. وإن كانت تختص بحلقة واحدة من حلقات حياته. حلقة قصته مع الهدهد وملكة سبأ. يمهد لها السياق بما يعلنه سليمان على الناس من تعليم الله له منطق الطير وإعطائه من كل شيء. وشكره لله على فضله المبين. ثم مشهد موكبه من الجن والإنس والطير ، وتحذير نملة لقومها من هذا الموكب ، وإدراك سليمان لمقالة النملة وشكره لربه على فضله ، وإدراكه أن النعمة ابتلاء ، وطلبه من ربه أن يجمعه على الشكر والنجاح في هذا الابتلاء.
ومناسبة ورود هذا القصص إجمالا في هذه السورة ما سبق بيانه من افتتاح السورة بحديث عن القرآن ، وتقرير أن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون. وقصص موسى وداود وسليمان من أهم الحلقات في تاريخ بني إسرائيل.
أما مناسبة هذه الحلقة ومقدماتها لموضوع هذه السورة فتبدو في عدة مواضع منها ومن السورة :
التركيز في جو السورة وظلالها على العلم ـ كما أسلفنا في أوائلها ـ والإشارة الأولى في قصة داود وسليمان هي :
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) وإعلان سليمان لنعمة الله عليه يبدأ بالإشارة إلى تعليمه منطق الطير : (وَقالَ :