حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٩٣)
هذا الدرس ختام سورة النمل ، بعد استعراض حلقات من قصص موسى وداود وسليمان وصالح ولوط ـ عليهمالسلام ـ وهذا الختام متصل بمطلع السورة في الموضوع. والقصص بينهما متناسق مع المطلع والختام. كل قصة تؤدي جانبا من جوانب الغرض الذي يعالجه سياق السورة كلها.
وهو يبدأ بالحمد لله ، وبالسلام على من اصطفاهم من عباده ، من الأنبياء والرسل ، ومنهم الذين ورد قصصهم من قبل. يفتتح بذلك الحمد وهذا السلام جولة عن العقيدة. جولة في مشاهد الكون وأغوار النفس ، وأطواء الغيب ؛ وفي أشراط الساعة ومشاهد القيامة ، وأهوال الحشر ، التي يفزع لها من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله.
* * *
في هذه الجولة يقفهم أمام مشاهدات في صفحة الكون وفي أطواء النفس ، لا يملكون إنكار وجودها ، ولا يملكون تعليلها بغير التسليم بوجود الخالق الواحد المدبر القدير.
ويتوالى عرض هذه المشاهدات في إيقاعات مؤثرة ، تأخذ عليهم أقطار الحجة ، وأقطار المشاعر ؛ وهو يسألهم أسئلة متلاحقة : من خلق السماوات والأرض؟ من أنزل من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة؟ من جعل الأرض قرارا ، وجعل خلالها أنهارا ، وجعل لها رواسي ، وجعل بين البحرين حاجزا؟ من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ من يجعلكم خلفاء الأرض؟ من يهديكم في ظلمات البر والبحر؟ من يرسل الرياح بشرا