وفي الأحاديث نماذج من هذا الشرك الخفي :
روى الترمذي ـ وحسنه ـ من رواية ابن عمر : «من حلف بغير الله فقد أشرك».
وروى أحمد وأبو داود وغيره عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إن الرقى والتمائم شرك».
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من علق تميمة فقد أشرك».
وعن أبي هريرة ـ بإسناده ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «يقول الله : أنا أغني الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشريكه».
وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد ابن أبي فضالة قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ينادي مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله ، فليطلب ثوابه من عند غير الله ، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك».
وروى الإمام أحمد ـ بإسناده ـ عن محمود بن لبيد أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال : «الرياء. يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جاء الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء»؟
فهذا هو الشرك الخفي الذي يحتاج إلى اليقظة الدائمة للتحرز منه ليخلص الإيمان.
وهناك الشرك الواضح الظاهر ، وهو الدينونة لغير الله في شأن من شؤون الحياة. الدينونة في شرع يتحاكم إليه ـ وهو نص في الشرك لا يجادل عليه ـ والدينونة في تقليد من التقاليد كاتخاذ أعياد ومواسم يشرعها الناس ولم يشرعها الله. والدينونة في زيّ من الأزياء يخالف ما أمر الله به من الستر ويكشف أو يحدد العورات التي نصت شريعة الله أن تستر ..
والأمر في مثل هذه الشؤون يتجاوز منطقة الإثم والذنب بالمخالفة حين يكون طاعة وخضوعا ودينونة لعرف اجتماعي سائد من صنع العبيد ، وتركا للأمر الواضح الصادر من رب العبيد .. إنه عندئذ لا يكون ذنبا ، ولكنه يكون شركا. لأنه يدل على الدينونة لغير الله فيما يخالف أمر الله .. وهو من هذه الناحية أمر خطير ..
ومن ثم يقول الله :
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) ..
فتنطبق على من كان يواجههم رسول الله في الجزيرة ، وتشمل غيرهم على تتابع الزمان وتغير المكان.
وبعد فما الذي ينتظره أولئك المعرضون عن آيات الله المعروضة في صفحات الوجود ، بعد إعراضهم عن آيات القرآن التي لا يسألون عليها أجرا؟
ماذا ينتظرون؟
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ ، أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ؟) ..
وهي لمسة قوية لمشاعرهم ، لإيقاظهم من غفلتهم ، وليحذروا عاقبة هذه الغفلة. فإن عذاب الله الذي لا