صالح : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلامكان يمرّ بي عند كلّ غداة ، فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه ، فقطع ذلك منذ عشرة أيّام فأقلقني ذلك» فتعجّبنا من ذلك.
فقال عليهالسلام : «أتريدون أن أُريكم سليمان بن داوُد؟» فقلنا : نعم ، فقام ونحن معه ، فدخل بنا بستاناً ما رأينا أحسن منه ، وفيه جميع الفواكه والأعناب ، وأنهار تجري والأطيار يتجاوبن على الأشجار ، فحين رأته الأطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان ، وإذا سرير عليه شاب ، ملقى على ظهره ، واضع يده على صدره ، فأخرج أمير المؤمنين الخاتم من جيبه وجعله في اصبع سليمان عليهالسلام ، فنهض قائماً وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ووصيّ رسول ربّ العالمين ، أنت والله الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، قد أفلح من تمسّك بك ، وقد خاب وخسر من تخلّف عنك ، وإنّي سألت الله عزّوجلّ بكم أهل البيت فاُعطيت ذلك الملك».
قال سلمان : فلمّا سمعنا كلام سليمان بن داوُد لم أتمالك نفسي حتّى وقعت على أقدام أمير المؤمنين أُقبّلها ، وحمدت الله تعالى على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت عليهمالسلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفعل أصحأبي كما فعلت.
ثمّ سألت أمير المؤمنين : ما وراء قاف؟ قال : «وراءه ما لا يصل إليكم علمه» ، فقلت(١) : أتعلم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليهالسلام : «علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها ، وإنّي الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك الأوصياء من ولدي من بعدي».
__________________
(١) في المحتضر والبحار : فقلنا.