الفصل السادس
التوجه الجديد في علم الرجال
إنّ ابتعادنا عن عصر النصّ جعلنا نقف أمام مشاكل جديدة في غاية الصعوبة والتعقيد ، خصوصاً في علم الرجال. ففي الوقت الذي كان أئمّة علم الرجال المتقدّمين يتعاملون مع الراوي على أساس وثاقته أو ضعفه ويكتفون ببعض القرائن الشخصية في التثبّت من حاله ، أصبح هذا الأُسلوب في العصور المتأخّرة لا يفي بالحاجة إلى الإطمئنان لشخصية الراوي من حيث الوثاقة أو الضعف. فبدأ التطلّع إلى معرفة الوضع الإجتماعي والعلمي الذي كان يحيط بالراوي ، من قبيل معرفة طبقته وعصره ، ومدى ضبطه وإتقانه في نقل الروايات ، ودرجة علميّته ومقدار فضله أي مدى تضلّعه بالفقه والأُصول ، وقربه من المعصوم عليهالسلام ، وحجم روايته من حيث القلّة والكثرة ، وقوّة ارتباطه بالسلطة السياسية ، ومقدار احتكاكه بالمذاهب الأُخرى.
ومن مشاكل ابتعادنا عن عصر النصّ ، ظهور بعض التحريفات والتصحيفات في بعض أسانيد الأحاديث المروية عن الكتب الأربعة. وقد كان الاستنساخ اليدوي للمجاميع الحديثية عبر مئات السنين هو السبب في جزء كبير من ذلك التصحيف. فقد يسقط اسم الراوي من قائمة السند من دون أن يكون هناك ما يدلّنا عليه. لأنّ أغلب الكتب الرجالية مصمّمة على أساس درج أسماء الرواة حسبما يقتضيه تسلسل الحروف الهجائية المستخدمة في المعاجم. فأخذ التوجّه العلمي في المدرسة الإمامية ينحو