(٧) سورة الأعراف مكيّة
وآياتها ستّ ومائتان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هذه سورة مكية ـ كسورة الأنعام ـ موضوعها الأساسي هو موضوع القرآن المكي .. العقيدة .. ولكن ما أشد اختلاف المجالين اللذين تتحرك فيهما السورتان في معالجة هذا الموضوع الواحد ، وهذه القضية الكبيرة!
إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة ، وذات ملامح متميزة ، وذات منهج خاص ، وذات أسلوب معين ، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد ، وهذه القضية الكبيرة.
إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية ، ثم تأخذ بعد ذلك سماتها المستقلة ، وطرائقها المتميزة ومجالها المتخصص في علاج هذا الموضوع ، وتحقيق هذه الغاية.
إن الشأن في سور القرآن ـ من هذه الوجهة ـ كالشأن في نماذج البشر التي جعلها الله متميزة .. كلهم إنسان ، وكلهم له خصائص الإنسانية ، وكلهم له التكوين العضوي والوظيفي الإنساني .. ولكنهم بعد ذلك نماذج منوعة أشد التنويع. نماذج فيها الأشباه القريبة الملامح ، وفيها الأغيار التي لا تجمعها إلا الخصائص الإنسانية العامة!
هكذا عدت أتصور سور القرآن. وهكذا عدت أحسها ، وهكذا عدت أتعامل معها. بعد طول الصحبة ، وطول الألفة ، وطول التعامل مع كل منها وفق طباعه واتجاهاته ، وملامحه وسماته!
وأنا أجد في سور القرآن ـ تبعا لهذا ـ وفرة بسبب تنوع النماذج ، وأنسا بسبب التعامل الشخصي الوثيق ، ومتاعا بسبب اختلاف الملامح والطباع ، والاتجاهات والمطالع!
إنها أصدقاء .. كلها صديق .. وكلها أليف .. وكلها حبيب .. وكلها ممتع .. وكلها يجد القلب عنده ألوانا من الاهتمامات طريفة ، وألوانا من المتاع جديدة ، وألوانا من الإيقاعات ، وألوانا من المؤثرات ، تجعل لها مذاقا خاصا ، وجوا متفردا.
ومصاحبة السورة من أولها إلى آخرها رحلة .. رحلة في عوالم ومشاهد ، ورؤى وحقائق ، وتقريرات وموحيات ، وغوص في أعماق النفوس ، واستجلاء لمشاهد الوجود .. ولكنها كذلك رحلة متميزة المعالم في كل سورة ومع كل سورة.
* * *