الجديدة ؛ والتحذير من أهل الكتاب ـ وهم اليهود بالمدينة ـ وما جبلوا عليه من شرونكر ؛ وما ينفثونه في المجتمع المسلم ، وما يبذلونه من جهود لتعويق نموه وتكامله ـ وبخاصة من الناحية الأخلاقية ، وناحية التكافل والتعاون ، اللتين هما موضع القوة النامية في هذا المجتمع الجديد ..
ولأن الدرس الجديد جولة جديدة ، فقد بدأ بالقاعدة الأولية التي يقوم عليها المجتمع المسلم ـ قاعدة التوحيد الخالص ـ التي تنبثق منها حياته ؛ وينبثق منها منهج هذه الحياة ، في كل جانب ، وفي كل اتجاه.
وقد سبق هذا الدرس أشواط منوعة في التنظيم العائلي ، والتنظيم الاجتماعي. وكان الحديث في الدرس السابق عن الأسرة وتنظيمها ووسائل صيانتها ، والروابط التي تشدها وتوثق بناءها .. فجاء هذا الدرس يتناول علاقات إنسانية ـ في المجتمع المسلم ـ أوسع مدى من علاقات الأسرة ؛ ومتصلة بها كذلك. متصلة بها بالحديث عن الوالدين. ومتصلة بها في توسعها بعد علاقة الوالدين ، لتشمل علاقات أخرى ؛ ينبع الشعور بها من المشاعر الودود الطيبة التي تنشأ في جو الأسرة المتحابة ؛ حتى تفيض على جوانب الإنسانية الأخرى ؛ ويتعلمها الإنسان ـ أول ما يتعلمها ـ في جو الأسرة الحاني ومحضنها الرفيق. ومن هناك يتوسع في علاقاته بأسرة الإنسانية كلها ؛ بعد ما بذرت بذورها في حسه أسرته الخاصة القريبة.
ولأن في الدرس الجديد توجيهات إلى رعاية الأسرة القريبة ـ العائلة ـ والأسرة الكبيرة ـ الإنسانية ـ وإقامة قيم وموازين في هذا الحقل ، للباذلين وللباخلين .. فقد ابتدأ الدرس بالقاعدة الأساسية التي تنبثق منها كل القيم والموازين ـ كما ينبثق منها منهج الحياة كله في المجتمع المسلم ـ وهي قاعدة التوحيد .. وربط كل حركة وكل نشاط ، وكل خالجة وكل انفعال بمعنى العبادة لله. التي هي غاية كل نشاط إنساني ، في ضمير المسلم وفي حياته ..
وبسبب من الحديث عن عبادة الله وحده ـ في محيطها الشامل ـ جاءت الفقرة الثانية في الدرس ؛ تبين بعض أحكام الصلاة والطهارة ؛ وتتخذ خطوة في طريق تحريم الخمر ـ ولم تكن قد حرمت بعد ـ باعتبار هذه الخطوة جزءا من برنامج التربية الإسلامية العامة الدائبة الخطى في المجتمع الوليد. وباعتبار علاقتها بالعبادة والصلاة والتوحيد ..
حلقات متماسكة بعضها مع بعض. ومع الدرس السابق. ومع محور السورة كذلك.
* * *
(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ، وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ ، وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ، وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً ، الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ، وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ. وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ ، وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً! وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ ، وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً. إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً. فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً؟ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ ، وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ..
هذه الفقرة تبدأ بالأمر بعبادة الله وحده ، والنهي عن إشراك شيء به .. تبدأ بحرف عطف يربط بين هذا الأمر ، وهذا النهي ، والأوامر السابقة الخاصة بتنظيم الأسرة في أواخر الدرس الماضي. فيدل هذا الربط