وأحسب ـ والله أعلم ـ أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين أن عدل اليهود والصهيونيون والنصارى الصليبيون عن مواجهة الإسلام جهرة عن طريق الشيوعية أو عن طريق التبشير ؛ فعدلوا إلى طرائق أخبث ، وإلى حبائل أمكر .. لجأوا إلى إقامة أنظمة وأوضاع في المنطقة كلها تتزيا بزي الإسلام ؛ وتتمسح في العقيدة ؛ ولا تنكر الدين جملة .. ثم هي تحت هذا الستار الخادع ، تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير وبروتوكولات صهيون ، ثم عجزت عن تنفيذها كلها في المدى الطويل!
إن هذه الأنظمة والأوضاع ترفع راية الإسلام ـ أو على الأقل تعلن احترامها للدين ـ بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله ؛ وتقصي شريعة الله عن الحياة ؛ وتحل ما حرم الله ؛ وتنشر تصورات وقيما مادية عن الحياة والأخلاق تدمر التصورات والقيم الإسلامية ؛ وتسلط جميع أجهزة التوجيه والإعلام لتدمير القيم الأخلاقية الإسلامية ، وسحق التصورات والاتجاهات الدينية ؛ وتنفذ ما نصت عليه مؤتمرات المبشرين وبروتوكولات الصهيونيين ، من ضرورة إخراج المرأة المسلمة إلى الشارع ، وجعلها فتنة للمجتمع ، باسم التطور والتحضر ومصلحة العمل والإنتاج ؛ بينما ملايين الأيدي العاملة في هذه البلاد متعطلة لا تجد الكفاف! وتيسر وسائل الانحلال وتدفع الجنسين إليها دفعا بالعمل والتوجيه .. كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وأنها تحترم العقيدة! والناس يتوهمون أنهم يعيشون في مجتمع مسلم ، وأنهم هم كذلك مسلمون! أليس الطيبون منهم يصلون ويصومون؟ أما أن تكون الحاكمية لله وحده أو تكون للأرباب المتفرقة ، فهذا ما قد خدعتهم عنه الصليبية والصهيونية والتبشير والاستعمار والاستشراق وأجهزة الإعلام الموجهة ؛ وأفهمتهم أنه لا علاقة له بالدين. وأن المسلمين يمكن أن يكونوا مسلمين ؛ وفي دين الله ؛ بينما حياتهم كلها تقوم على تصورات وقيم وشرائع وقوانين ليست من هذا الدين!
وإمعانا في الخداع والتضليل ؛ وإمعانا من الصهيونية العالمية والصليبية العالمية في التخفي ، فإنها تثير حروبا مصطنعة ـ باردة أو ساخنة ـ وعداوات مصطنعة في شتى الصور ، بينها وبين هذه الأنظمة والأوضاع التي أقامتها والتي تكفلها بالمساعدات المادية والأدبية ، وتحرسها بالقوى الظاهرة والخفية ، وتجعل أقلام مخابراتها في خدمتها وحراستها المباشرة!
تثير هذه الحروب المصطنعة والعداوات المصطنعة ، لتزيد من عمق الخدعة ؛ ولتبعد الشبهة عن العملاء ، الذين يقومون لها بما عجزت هي عن إتمامه في خلال ثلاثة قرون أو تزيد ؛ من تدمير القيم والأخلاق ؛ وسحق العقائد والتصورات ؛ وتجريد المسلمين في هذه الرقعة العريضة من مصدر قوتهم الأول .. وهو قيام حياتهم على أساس دينهم وشريعتهم .. وتنفيذ المخططات الرهيبة التي تضمنتها بروتوكولات الصهيونيين ومؤتمرات المبشرين ؛ في غفلة من الرقباء والعيون!
فإذا بقيت بقية في هذه الرقعة لم تجز عليها الخدعة ؛ ولم تستسلم للتخدير باسم الدين المزيف ؛ وباسم الأجهزة الدينية المسخرة لتحريف الكلم عن مواضعه ؛ ولوصف الكفر بأنه الإسلام ؛ والفسق والفجور والانحلال ، بأنه تطور وتقدم وتجدد .. إذا بقيت بقية كهذه سلطت عليها الحرب الساحقة الماحقة ؛ وصبت عليها التهم الكاذبة الفاجرة وسحقت سحقا ، بينما وكالات الأنباء العالمية وأجهزة الإعلام العالمية خرساء صماء عمياء!!!
ذلك بينما الطيبون السذج من المسلمين يحسبون أنها معركة شخصية ، أو طائفية ، لا علاقة لها بالمعركة المشبوبة مع هذا الدين ؛ ويروحون يشتغلون في سذاجة بلهاء ـ من تأخذه الحمية للدين منهم وللأخلاق ـ بالتنبيه إلى مخالفات صغيرة ، وإلى منكرات صغيرة ، ويحسبون أنهم أدوا واجبهم كاملا بهذه الصيحات الخافتة ..