بحرية عدم الإيمان سيضاعف هذه الانحرافات النفسية ، ويزيد من دواعي تفكك الأسرة. ويقربهم إلى هوة انقراض النسل ...»
والحال في أمريكا لا تقل عن هذه الحال. ونذر السوء تتوالى. والأمة الأمريكية في عنفوانها لا تتلفت للنذر. ولكن عوامل التدمير تعمل في كيانها ، على الرغم من هذا الرواء الظاهري ؛ وتعمل بسرعة ، مما يشي بسرعة الدمار الداخلي على الرغم من كل الظواهر الخارجية!!!
لقد وجد الذين يبيعون أسرار أمريكا وبريطانيا العسكرية لأعدائهم ، لا لأنهم في حاجة إلى المال. ولكن لأن بهم شذوذا جنسيا ، ناشئا من آثار الفوضى الجنسية السائدة في المجتمع.
وقبل سنوات وضع البوليس الأمريكي يده على عصابة ضخمة ذات فروع في مدن شتى. مؤلفة من المحامين والأطباء ـ أي من قمة الطبقة المثقفة ـ مهمتها مساعدة الأزواج والزوجات على الطلاق بإيجاد الزوج أو الزوجة في حالة تلبس بالزنا ، وذلك لأن بعض الولايات لا تزال تشترط هذا الشرط لقبول توقيع الطلاق! ومن ثم يستطيع الطرف الكاره أن يرفع دعوى على شريكه بعد ضبطه عن طريق هذه العصابة متلبسا ، وهي التي أوقعته في حبائلها!
كذلك من المعروف أن هناك مكاتب مهمتها البحث عن الزوجات الهاربات والبحث عن الأزواج الهاربين! وذلك في مجتمع لا يدري فيه الزوج إن كان سيعود فيجد زوجته في الدار أم يجدها قد طارت مع عشيق! ولا تدري الزوجة إن كان زوجها الذي خرج في الصباح سيعود إليها أم ستخطفه أخرى أجمل منها أو أشد جاذبية! مجتمع تعيش البيوت فيه في مثل هذا القلق الذي لا يدع عصبا يستريح!!!
وأخيرا يعلن رئيس الولايات المتحدة أن ستة من كل سبعة من شباب أمريكا لم يعودوا يصلحون للجندية بسبب الانحلال الخلقي الذي يعيشون فيه.
وقد كتبت إحدى المجلات الأمريكية منذ أكثر من ربع قرن تقول :
«عوامل شيطانية ثلاثة يحيط ثالوثها بدنيانا اليوم. وهي جميعها في تسعير سعير لأهل الأرض ، أولها : الأدب الفاحش الخليع الذي لا يفتأ يزداد في وقاحة ورواجه بعد الحرب العالمية (الأولى) بسرعة عجيبة. والثاني الأفلام السينمائية التي لا تذكي في الناس عواطف الحب الشهواني فحسب ، بل تلقنهم دروسا عملية في بابه. والثالث انحطاط المستوي الخلقي في عامة النساء ، الذي يظهر في ملابسهن ، بل في عريهن ، وفي إكثارهن من التدخين ، واختلاطهن بالرجال بلا قيد ولا التزام .. هذه المفاسد الثلاث فينا إلى الزيادة والانتشار بتوالي الأيام. ولا بد أن يكون مآلها زوال الحضارة والاجتماع النصرانيين وفناءهما آخر الأمر. فإن نحن لم نحد من طغيانها ، فلا جرم أن يأتي تاريخنا مشابها لتاريخ الرومان ، ومن تبعهم من سائر الأمم ، الذين قد أوردهم هذا الاتباع للأهواء والشهوات موارد الهلكة والفناء ، مع ما كانوا فيه من خمر ونساء ، أو مشاغل رقص ولهو وغناء» (١).
والذي حدث أن أمريكا لم تحد من طغيان هذه العوامل الثلاثة ، بل استسلمت لها تماما وهي تمضي في الطريق الذي سار فيه الرومان! ويكتب صحفي آخر عن موجة انحراف الشباب في أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، ليهون من انحلال شبابنا! يقول :
__________________
(١) نقلا عن كتاب الحجاب للمودودي ص ١٢٩ ، ١٣٠.