على مورد الاخبار العلاجية ، وهو صورة تعارض الخبرين ، وحكم تعارض الأمارتين ـ القائمتين في غير الأحكام ـ التوقف على حسب ما تقتضيه القاعدة ، كما هو الظاهر.
المقام الثاني فيما إذا كانت لأحد الخبرين مزية على الآخر ، والتكلم فيه يقع في امرين : (أحدهما) ـ أنه هل يجب الترجيح بواسطة وجود المزية في أحد الخبرين أم لا؟ (الثاني) ـ أنه على فرض ذلك هل يقتصر على مزايا خاصة ، أم يتعدى إلى كل مزية؟ أما الأمر الأول ، فالمشهور وجوب الترجيح. وقبل الشروع في الاستدلال لا بد من تأسيس الأصل في المسألة :
فنقول قد عرفت مقتضى الأصل الأولى في الخبرين المتعارضين بناء على الطريقية والسببية ، وأنه على الأول التوقف ، وإن كان لأحدهما مزية على الآخر ، إذ مجرد المزية لأحدهما على الآخر لا يصلح دليلا على الخروج عن مقتضى أصالة عدم الحجية ، كما لا يخفى. لكن كلامنا في هذا المقام بعد فرض حجية أحد الخبرين من جهة التعبد بالأخبار. إنما الإشكال في ان الحجة هل هو خصوص ذي المزية أو أحد الخبرين على سبيل التخيير؟ فالمقام من دوران الأمر بين التخيير والتعيين.
فنقول ـ بناء على اعتبار الاخبار من باب الطريقية ـ مقتضى الأصل هو التعيين ، لأن ذا المزية حجة يقينا ، وغيره مما لم تعلم حجيته ، فيجب الأخذ بما علمت حجيته ، ولا يجوز الأخذ بما يشك في حجيته ، لأنه تشريع.
ومن هنا يظهر انه متى دار الأمر بين التعيين والتخيير بين الطريقين ، فالأصل التعيين. وان قلنا في غير هذا المقام بالتخيير ، لأن أخذ الشيء طريقا عبارة عن جعله مستندا للحكم الشرعي ، ولا يجوز ذلك إلا إذا علم بالحجية. وأما إن قلنا باعتبار الاخبار من باب السببية ، فالمقام من قبيل المتزاحمين ، مع احتمال أهمية أحدهما المعين.
والّذي يظهر من شيخنا المرتضى قدسسره في مثل ذلك هو التعيين ، فان وجوب الأخذ بمحتمل الأهمية قطعي ، لأنه إما متعين في الواقع ، أو انه أحد طرفي