وكذا إن دل خبر آخر على وجوب الجمعة ، فقد حصل منه كشفان ، أحدهما عن مدلوله المطابقي ، والثاني عن اللازم الّذي ذكرنا ، وهما وإن تعارضا في مدلولهما الخاصّ ، وسقطا عن الحجية ، ولكن بقي كشفهما عن اللازم المشترك ، وهو أيضا كشف حاصل من خبر العادل ، وهو وان كان تابعا للكشف الأول في الوجود ، ولكنه ليس تابعا له في الحجية ، لأن دليل حجية الانكشاف الحاصل من خبر العادل يشمل تمام افراد الانكشاف الحاصل منه القابل للاعتبار في عرض واحد. وحجية انكشاف المعلول ليست تابعة لحجية انكشاف العلة ، كما مر في محله من وجوب الأخذ بالانكشاف الحاصل من الطرق ، وان كان بوسائط لم تكن قابلة للاعتبار ، لخروجها عن وظيفة الشارع.
وان شئت قلت في تعارض الخبرين كشف أحدهما عن الواقع مقطوع الخلاف. أما كشف أحدهما بلا عنوان ، فليس بمقطوع الخلاف ، فلا مانع من حجيته بعد كونه كشفا حاصلا من الخبر الجامع للشرائط المعتبرة في الحجية. ولازم ذلك نفى الثالث. وحينئذ فلو اقتضى الأصل خلاف مقتضى الخبرين يطرح ، لأنه في مقابل الدليل ، لكن أحدهما بلا عنوان ليس قابلا للحجية ، لعدم مدلول خاص له حتى يؤخذ به ، وحجية مدلوله الالتزامي غير موقوفة على حجيته ، لأنه من مصاديق الكشف الحاصل من الخبر ، فيشمله دليل الحجية من دون البناء على شموله للمدلول المطابقي. وان كان هذا الكشف مرتبا على الكشف عن المدلول المطابقي وجودا ، فليتدبر في المقام فانه من مزال الإقدام.
هذا ما تقتضيه القاعدة مع قطع النّظر عن الاخبار الواردة في الباب. وأما بالنظر إليها ، فسيجيء الكلام في مدلول الاخبار العلاجية والنقض والإبرام فيها بعد ذلك إن شاء الله. هذا كله على تقدير القول بحجية الاخبار من باب الطريقية.
وأما على تقدير اعتبارها من باب السببية ، فالذي صرح به شيخنا المرتضى قدسسره هو أن مقتضى الأصل التخيير ، لأن المطلوبية المانعة عن النقيض في كل منهما موجودة ، فيجب الامتثال بقدر الإمكان. وحيث لا يمكن الجمع يجب امتثال أحد التكليفين بحكم العقل على نحو التخيير ، لعدم الأهمية